لقد صادق الكونغرس على هذا القانون حول تشجيع الحرية الدينية أولا كهدف مباشر تعمل السياسة الخارجية الأميركية على تحقيقه، ولمحاربة الاضطهاد الديني حول العالم، وثانيا كهدف غير مباشر هو إيجاد الوسيلة لإمكانية ندخل أميركا في السياسات الدولية لشعوب العالم والضغط بهذه الوسيلة – غير المحددة بدقة – على كل دول العالم .
فالقانون يحدد إمكانيات التدخل التي سبق وأن عرضتها، بواسطة مجموعة واسعة من الوسائل الديبلوماسية والاقتصادية التي يمكن استخدامها لتشجيع الحرية الدينية وحرية الفكر عبر العالم كحق أساسي من الحقوق الإنسانية وذلك في الظاهر. وأهم هذه الوسائل هي التقرير السنوي حول الحرية الدينية الدولية ، ودعوة الولايات المتحدة الأميركية مباشرة إلى احترام هذه الحريات عن طريق الاتصالات التي يجريها مكتب الحريات الدينية الدولية مع الحكومات المختلفة . كما يسعى القانون إلى تعزيز المساعدات الأميركية للديمقراطيات المشكّلة حديثاً في تطبيق حرية الدين وحرية الضمير .
لقد انطلقت فكرة القيام بتحرك أميركي رسمي للاهتمام بالحرية الدينية في العالم بحملة – من اجل ما سمي – إنقاذ مسيحيي العالم من الاضطهاد، أطلقها المحامي الأميركي الجنسية اليهودي الديانة مايكل هوروفيتز خلال مقال نشره في جريدة وول ستريت بتاريخ 5 تموز 1995 تحت عنوان : التعصب الجديد بين الصليب والهلال – NEW INTOLERANCE BETWEEN CRESCENT AND CROSS” ، وكان هورفيتز قد شغل منصبا رفيعا في عهد الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان.، ولقد أدت جهود المروجين، لمزاعم الاضطهاد الديني إلى تحرك وزارة الخارجية الأميركية والرئيس الأميركي كلينتون نفسه، الذي أوعز إلى وزير الخارجية الأسبق وارن كريستوفر بتشكيل لجنة أطلق عليها اسم لجنة الشريط الأزرق برئاسة جون شاتوك مساعد وزير الخارجية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان، وذلك في تشرين الثاني 1996
ثم أعلن الرئيس كلينتون في 16 كانون الثاني 1997 ما سمي بـ ” اليوم الوطني للحرية الدينية ” حيث قال أن إدارته سوف تضع قضية حق ممارسة الحرية الدينية كأحد المعايير التي تحكم علاقات الولايات المتحدة بالدول الأخرى .
وكانت قد بدأت الخارجية الأمريكية في إصدار تقرير نصف سنوي حول أوضاع الحرية الدينية في العالم، واصُدر بالفعل تقريران ، الأول في30 كانون الثاتي 1997، والثاني في 22 تموز من العام نفسه .
لقد أثمرت الحملة اليهودية وبعض الطوائف البروتستانتية المتعصبة في الضغط على الإدارة الأمريكية وبدأت مرحلة أخرى هي المرحلة التشريعية، ولقد شهدت هذه المرحلة ثلاثة مشاريع لقوانين وذلك كما يلي :
– مشروع قانون تقدم به كل من فرانك وولف النائب الجمهوري وهو عضو الكونغرس عن ولاية فرجينيا والشيخ الجمهوري آرلين سبكتور عضو الكونغرس عن ولاية بنسلفانيا ورئيس لجنة الاستخبارات فيها باسم: التحرر من الاضطهاد الديني FREEDOM FROM RELIGIOUS PERSECUTION او مشروع قانون ” وولف سبكتر ” ويحمل في مجلس النواب الرقم 2431.H.R
– مشروع قانون دون نيكلز وهو مشروع موازي قدم إلى مجلس الشيوخ في 26 اذار من عام 1998
– القانون الذي تم إقراره بعد التعديلات وقد سمي ” قانون الحرية الدينية الدولية “INTERNATIONAL RELIGIOUS FREEDOM ACT والذي تم إقراره في التاسع من تشرين الأول من عام 1998 وتم العمل به فورا
وكان وزير الخارجية الأميركية، قد أنشأ في صيف عام 1998 مكتب الحرية الدينية الدولية بناء على توصية لجنة الوزير الاستشارية لشؤون الحرية الدينية. ثم جاء قانون الحرية الدينية الدولية، فوافق على إنشاء هذا المكتب الذي يرأسه سفير دون سفارة. وقد أنيطت بالمكتب مسؤولية إصدار التقرير السنوي حول وضع الحرية الدينية والاضطهاد الديني في كافة دول العالم في شهر أيلول من كل عام. وتحدد وزارة الخارجية، على أساس هذا التقرير، ما تسميه بـ ” الدول التي تثير قلقا خاصا ” بسبب انتهاكاتها “المنهجية والمستمرة والفاضحة ” للحرية الدينية ، والتي تتعرض لعقوبات أميركية، من ضمنها عقوبات اقتصادية .
ويجب أخيرا، التفريق هنا بين اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية التي تشكلت بموجب قانون الحرية الدينية الدولية لعام 1998 كمصدر منفصل ومستقل لتقديم التوصيات بشأن السياسات الخاصة بالحرية الدينية إلى الرئيس ووزير الخارجية والكونغرس، وهي لا تتمتع إلا بصلاحيات إسداء المشورة والمراقبة وتصدر اللجنة تقريرها الخاص الذي يركز على عدد قليل من الدول فقط، وتتألف هذه اللجنة من ثلاثة أعضاء يختارهم الرئيس الأميركي، وأربعة يختارهم أعضاء في الكونغرس ينتمون إلى الحزب الذي لا ينتمي إليه الرئيس، إضافةً إلى عضوين اثنين يختارهما زعماء حزب الرئيس في الكونغرس وبين مكتب الحرية الدينية الدولية الذي هو المكتب التنفيذي في وزارة الخارجية ويملك سلطة اتخاذ الإجراءات .
اللهم اشهد اني بلغت