نعم الإيمان هو قفزة في الظلام ولكنها ليست قفزة عمياء. فالمؤمن هو الشخص الذي دخل ايجاباً بعلاقة مع الخالق الذي هو صاحب المبادرة.”يتنوّر” فيدخل بحوار حيّ وواثق مع هذا الخالق الذي هو فوق العقل. المؤمن هو عالِم يختبر ذاته و الأحداث في ضوء الثقة بحكمة الله التي ليس فوقها حكمة.
قد يسمي البعض هذه العلاقة بالعبودية الخرقاء ، أما المؤمن فيدري أن الإستعباد يأخذ منك و من قدرتك أما الإيمان فيفيض الخير نوراً في ليل البشرية الطويل. و لا يبدو الإنسان الملحد المعاصر و المحصّن “تكنولوجياً” أكثر حرية أو انسانية من المؤمن لا بل هو الأقرب لأشكال متعددة من الإستغلال، والتلاعب، والعنف، والإعتداء، والظلم….فيما يفتح الإيمان مدخلاً لتاريخ مضيء لإنسانيتنا المعاصرة لأنه عبر هذه الصداقة مع الخالق تتألق معه الإجابة الأقرب لمعضلة سر الألم البشري.
لما لا؟ فلنختبر اليوم مع القديس أغوسطينوس شجاعة الإيمان بالله الذي لا نراه كي نُكافأ بنيل نعمة أن نعاين بمن آمنا وأمّناه.