هل الإيمان "علم سيء"؟

يميل البعض إلى تصنيف الإيمان الى جانب “العلم السيئ” أو “العلم البدائي”. فتنقسم الصورة عامودياً: السذج يختارون الإيمان فيما يختار الأذكياء العلم. 
حسنا، في الواقع، أقل ما يمكننا القول أن في هذه الصورة الكثير من المغالطات. فالإيمان ليس شيئا يقع تحت عتبة العقل و هو لا يمكن أن يكون تلك القيمة التي تعجز عن مخاطبة العقلانية … إنما الإيمان هو استسلام على الجانب الآخر من المنطق، قفزة فوق المكان الذي ينيره العلم. وكم من العلوم تطورت بسبب إيمان بعض العلماء بنظريات غير ملموسة أدى إيمانهم بها الى الإنطلاق الى أفق أوسع في عالم العلوم. 

Share this Entry

نعم الإيمان هو قفزة في الظلام ولكنها ليست قفزة عمياء. فالمؤمن هو الشخص الذي دخل ايجاباً بعلاقة مع الخالق الذي هو صاحب المبادرة.”يتنوّر” فيدخل بحوار حيّ وواثق مع هذا الخالق الذي هو فوق العقل. المؤمن هو عالِم يختبر ذاته و الأحداث في ضوء الثقة بحكمة الله التي ليس فوقها حكمة. 

قد يسمي البعض هذه العلاقة بالعبودية الخرقاء ، أما المؤمن فيدري أن الإستعباد يأخذ منك و من قدرتك أما الإيمان فيفيض الخير نوراً في ليل البشرية الطويل. و لا يبدو الإنسان الملحد المعاصر و المحصّن “تكنولوجياً” أكثر حرية أو انسانية من المؤمن لا بل هو الأقرب لأشكال متعددة من الإستغلال، والتلاعب، والعنف، والإعتداء، والظلم….فيما يفتح الإيمان مدخلاً لتاريخ مضيء لإنسانيتنا المعاصرة لأنه عبر هذه الصداقة مع الخالق تتألق معه الإجابة الأقرب لمعضلة سر الألم البشري. 

لما لا؟ فلنختبر اليوم مع القديس أغوسطينوس شجاعة الإيمان بالله الذي لا نراه كي نُكافأ بنيل نعمة أن نعاين بمن آمنا وأمّناه.

Share this Entry

أنطوانيت نمّور

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير