لم يكتشف البابا فرنسيس عالم المهمّشين عند تبوئه البابوية . فالرئيس الإقليمي السابق ليسوعيي الأرجنتين (منذ عام 1973) برغوليو الذي أصبح رئيس اساقفة بيونس آيرس عام 1998 كان من المعتادين على استعمال وسائط النقل العامة لزيارة الضواحي الفقيرة في أطراف العاصمة الأرجنتينية , تلك الضواحي التي تفتقر إلى الخدمات الاجتماعية ومقومات الحياة الكريمة والتي لم تكن رؤيتها تخدم السياحة إلى حد دفع بالنظام العسكري الحاكم في السبعينات إلى إنشاء أسوار عالية حولها أثناء بطولة كأس العالم بكرة القدم التي نظمتها الأرجنتين عام 1978.
في أحد أيام العام 2009 تلقى الأب خوسيه ماريا دي باولا (2) تهديدا بالقتل من قبل عصابات المافيا لنشاطه في أوساط الشبيبة ودعمهم وتوعيتهم ضد أخطار المخدرات. ما أن اتصل الكاهن بأسقفه برغوليو حتى طلب هذا الأخير لقاءه في اليوم التالي . في قداس أقامه في اليوم نفسه وبحضور الصحافة ندد برغوليو بالتهديد الذي تعرض له أحد كهنته دون كشف هويته, الأمر الذي حرك الصحافة والجمعيات الأهلية التي بدأت بكتابة العرائض المؤيدة للكاهن الذي أفصح عن هويته بعد أيام خلال مؤتمر صحفي .
الأب بيبي سبق أن عينه (كما عين الكثيرين غيره في أماكن فقيرة أخرى لزيادة حضور الكنيسة فيها ) الاسقف برغوليو راعيا لإحدى مدن الصفيح (أو مدن البؤس كما تسمى بالاسبانية (3) ) وأقام قداس خميس الأسرار معه يوم 20 آذار مارس 2008 في المأوى المسمى ” ملجأ المسيح ” (4) . سبق لبرغوليو أن قام بغسل أرجل مدمني مخدرات ومصابين بمرض الإيدز .
عندما اختار البابا فرنسيس مصلى (كابيلا) إصلاحية دل مارمو ليقيم قداس أول خميس أسرار في حبريته , كان في الواقع يعمل في روما ما اعتاد عمله لسنوات طويلة في الأحياء الفقيرة في الأرجنتين . لقد قام البابا بغسل أرجل شبان صغار من بينهم فتاتان من المقيمين (المحكومين) في الإصلاحية.
لم تتغير تصرفات برغوليو فالأسقف الذي اعتاد غسل أقدام من ينبذهم عامة الناس والذهاب “إلى أطراف المجتمع” (كما يردد دائماً في عظاته) غير مستعد على ما يبدو ليغيّر عاداته “لمجرد” انتخابه بابا .
::::::::
(1) Casal del Marmo
(2( José Maria di Paola وكان يلقب بالأب بيبي Padre Pepe
(3) villas miserias
(4) Hogar de Cristo