إنّ المقارنة بين الإبتهالات الآولى في الصلاة الربيّة بحسب متى ولوقا ، تلزمنا أن نطرحَ هذا السؤال : ما هو الإبتهال الأصليّ : إبتهالُ لوقا "أيّها الآب" ، أم إبتهالُ متّى "أبانا الذي في السماوات " ، والذي ما زلنا نستعملهُ اليوم في الصلاة؟

تنقسمُ الآراء بين المفسّرين حول هذه النقطة ، فيرى بعضهم في إبتهال متّى (تهويدًا جديدًا) لصيغة " أبّا " القصيرة ، بالنسبة إلى مجتمع يهوديّ مسيحيّ . وعلى العكس ، يعتقدُ آخرون أنّ لوقا يقدّم إختزالا نموذجيّا أجرتهُ الجماعات القادمة من العالم الوثنيّ ، والتي " يبدو لها أنّ الإبتهال اليهوديّ الطويل لا يحمل أمرًا جوهريّا " . هكذا يتّضح أن استخدام لقب " أبّا "، لوحده لا يظهر في الواقع إلا في صلاة يسوع . أمّا صيغةُ " أيّها الآب الذي في السموات " ، فهي واردة عند متى (11 مرّة ) ، ويمكنُ أن تكونَ من إنشائه .

ج . سكلوسير  ، يحتفظ في خاتمة بحثه بشأن تسمية الله " أبّا " في الأناجيل الإزائيّة ، بستّة مقاطع يحتمل أن تكون قد وردت  على لسان يسوع الأرضيّ : متى 5 : 45 ؛ لوقا 6 : 36 ؛ 10 : 21 ؛ 11 : 2 ؛ 11 : 13 و12 : 30 . وتضاف إلى هذه اللائحة ثلاثة نصوص جاءت من مصدر خاصّ بمتى أو بلوقا (قد يكون متى 23 : 9 " أبوكم " ، لوقا 12 : 32 مع عبارة " أبيكم " ، وقد يكون أيضا لوقا 23 : 34 : " أيّها الآب " . وهكذا نجدُ أنفسنا مع الصيغ التالية : الإبتهال " أيّها الآب " في لوقا 10 : 21 و 11 : 2 ؛ وعبارة " أبيكم " في متى 5 : 45 ؛ لوقا 6 : 36  و12 :30 ؛ والتسمية المطلقة " الآب السماويّ " في لوقا 11 : 13 . تقدروا أن تعودوا إلى النصوص التي ذكرت أعلاه .

إنّ صيغة الإبتهال الأصليّ في متّى هي يهوديّة تمامًا . ونجدها في الأدب الرابينيّ في نهاية القرن الأول والثاني بعد المسيح ، ولكن دومًا من خلال خطابات أو مقالات عن الله . ويتّضح لنا من بعض النصوص أن هذه العبارة تتيحُ التمييز بين الأب الأرضيّ ، أو حتى إبراهيم الذي غالبًا ما يدعي " أبانا " متى 3 : 9 ، لوقا 3 : 8 ، يوحنا 8: 39 ) ، والأب السماويّ ، وذلكَ دفعًا لكلّ إلتباس . إلا أنها ربّما أستخدمت لتحاشي التلفّظ بالإسم الإلهيّ . ويُحتَمل أن يكون يسوع قد جاءَ بشيء ٍ جديد حين استخدمها وجعل منها إبتهالا بشكل ٍ تامّ ( وهذا الجديد المدهش سنراهُ في الأجزاء الأخرى من هذه الفقرة عندما نتكلّم عن الأبوّة الإلهيّة ) .

وحين يتبنّى المسيحيّ هذا الإبتهال ، فهو لا يشاء أن يحدّد الله في مكان – علمًا بإن التضاد واضح في بنية الصلاة الربيّة بين الأرض والسماء – بل ينبغي فقط الإشادة بتسامي " الآب السماويّ " .

هل الإبتهال هذا " أبانا " ، أستقاهُ يسوع من العالم اليهوديّ ؟ إن كان كذلك َ ، فإن مضمونه قد تجدّد بلا شكّ : إنه غالبًا ما تحدّث ، في تعليمه وأمثاله ، عن صلا الآب وحبّه وإهتمامه بالبشر ، حتى إنّ تلاميذه تمكّنوا من إكتشاف وجهه بشكل أفضل . وعلاوة على ذلكَ ، كان التلاميذ ، مرارًا كثيرة ، شهودًا على صلاته وألفته الفريدة وغير المألوفة حين كان يتوجّه إلى الله ويدعوه " أبّا " . يتبع أيضا

يسوع هو حقيقة الله والإنسان

التسلط والسيطرة على الآخرين .. والقوّة التي نواجه بها الآخرين لإننا لا نريد أن نكونَ ضعفاء أمام الناس ، لئلا نُداس بالأرجل .. الغرور .. التكبّر .. وضع ذاتي في صورة ليست صورتي بحجّة الظهور أمام الآخر بصورة أنيقة رائعة ذو كرامة عالية .. كلّ هذه أوهام تعشش حياتنـــــــــا وتنخر ذاتنا ولا تجعلنا نقوى على الدخول لذاتنا الحقيقيّة .. المدينة ، لها طبقتين ” طبقة العالم والمواطنين الذين يعيشونَ فوقها الأرض وطبقة تحت الأرض ، فيها تذهب النفايات والأوساخ ، وهناك شبكات صرف صحي ومجاري كثيرة ، كي تذهب وتتصرّف .. وهذا علم معروف ، أسمه ” علم النفايات ” للحفاظ على البيئة .