الخبز هو كلام الله

هل كثر يسوع الخبز بالواقع؟ (2)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

المقاربةُ مع نصّ تثنية 8 : 3 كانت أمرًا في غاية السهولة ، لاسيّما وأنه جاء في سياق خاصّ إلى حدّ كبير : مسيرة العبرانيّين في الصحراء إبان الخروج : ” أذكر كلّ الطريق التي سيّرك فيها الربّ الهك في البريّة هذه السنين الأربعين ، ليذلّلك ويمتحنك فيعرف ما في قلبك : هل تحفظ وصاياه أم لا ؟ فذلّلك وأجاعَك وأطعمَك المنّ الذي لم تعرفه أنت ولا عرفه آباؤكَ ، لكي يعلّمك أنه لا بالخبز ِ وحده يحيا الإنسان (….) تث 8 : 2- 3 . وهوّذا يسوع ، سيكثّر الخبز فيما كان الجمعُ الذي تبعه ، هو أيضا ، في الصحراء ( مرقس 6 : 32 ) فريسة الجوع .

إذن ، نرى هنا ، أن السياق مماثل ، ممّا يمكّن المقاربة التي بوسعنا أن نقوم بها بين الخبز الذي يغذي الجسد ، بين كلام الله الذي يغذّي الروح .

يجدرُ بنا أن نعيدَ أيضا قراءة المزمور 78 . إنه يلمّح ، بشكل صريح ، إلى عطيّة  المنّ ، ومن ثم السلوى ، في البريّة   . وينهي هذا التلميح بالملاحظة التالية : ” أكلوا فشبعوا “، وهي العبارة التي أوردها مرقس 6 : 42 . ومن المعلوم أن هذا المزمور يبتدئ بهذه الكلمات :” أصغ ِ يا شعبي إلى شريعتي ، أمِلْ أذنيكَ إلى أقوال فمي ” . وهكذا نجدُ دومًا ، في الخلفيّة ، الموضوع الكلاسيكيّ الذي يدورُ حول الخبز أو المنّ ، وهو رمز لكلام الله .

كي نفهمَ القصدُ الذي عناهُ مرقس من هذه الرواية ، فلا بدّ لنا من أن نضعها أيضا في السياق الذي يسبقها : بعثة الأثني عشر إلى الرسالة ( 6 : 7 -11) كي يساعدوا المسيح ، فعلى مثاله ، كان عليهم أن ” يكرزوا “، ويطردوا الشياطين ويشفوا المرضى (مر 6 : 12 -13 ). ولدى عودتهم ، أخبروا يسوع ” بكل ما عملوا وعلّموا ” ( 6 : 30 ) . وحينذاك ، أخذهم يسوع إلى الصحراء ، وهناكَ جرى تكثيرُ الأرغفة . وفي الواقع ، ماذا قال يسوع لتلاميذه : “أعطوهم أنتم ليأكلوا ”  (6 : 37 ) . وأخذ يسوع بالفعل الأرغفة ، وكسرها وأعطاها للتلاميذ كي يقدّموها للجمع (6 : 41 ) . التلاميذ لم يفعلوا سوى أنّهم واصلوا عمل يسوع . وفي خطّ الروايات السابقة ، يمكننا أن  نفهم هنا ، أنّ يسوع يعلّم أولا تلاميذه الاثنى عشر ، وهؤلاء ينقلونَ فقط للجمع التعليم الذب تلقّوه.

بالتالي يرمز الخبز الذي يعطيه يسوع للجمع عبر الرسل ، بالنسبة إلى الإنجيليّ ، إلى كلام الله الذي يجبُ أن يغذّي نفوسهم كما يغذّي الخبز الماديّ أجسادهم . وهذا التفسيرُ الرمزيّ ، يؤكّده أحد المشاهد والذي هو  ، مرتبطٌ إرتباطا وثيقا بمشهد تكثير الخبز ، إنه مشهد شفاء إبنة المرأة السوريّة – الفينيقيّة ( مرقس 7 : 24 ) . أليسَ ” خبز ” البنين الذي لا يحسُن أن يُعطى للكلاب ، هو بالتأكيد رمز للتعليم الذي يأتي به يسوع ؟ .

يتبعُ أيضا 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير