رفض الفلاسفة العقلانيّون الإعتراف بالأعاجيب بحصر المعنى . وقد إمتدّت نزعتهم هذه حتى الربع الأوّل من القرن العشرين . أنكرَ بعضهم تاريخيّتها ، وفسّرها بعضهم الآخر تفسيرًا طبيعيّا كما فعل أحدهم كارل كليمان إذ قال : " إنّ عبارة يسوع عندما أقام ابنة يائيرس (لم تمت ولكنّها نائمة ) مرقس 5 : 39 ؛ تعني أنها مصابةٌ بحالة غيبوبة مرضيّة " . ويزعمُ أيضا بعضهم ، أنّ الأشفية التي لها علاقة بالحياة النفسيّة أو العصبيّة ليست إلاّ نتيجة لوقع شخصيّة يسوع وتأثيره على المرضى .

غير أنّ هذا الموقف ليس موقفـــًا علميّا ، بل هو موقف فلسفيّ لا يستطيعُ العلم ، بمعناهُ الحصريّ ، أن يفسّر الأعاجيب تفسيرًا وافيًا، إذ لا يمكنه التحدّث إلاّ عمّا يقعُ تحت الحواس والإختبار . بالنسبة إلى العلم ، لا وجود " لأعجوبة " أو " معجزة " ، بل مجرّد ظاهرة غريبة تخضعُ للبحث . وإذا لم يتوصّل عالِم من العُلماء إلى تحديد الأسباب لتفسيرها ، فعليه أن يعترف بجهله ويستمرّ في البحث .

يقال عادة ، أنّ المعجزات والعجائب هي إختراق لقوانين الطبيعة ، غير أنّ هذا التفسير غير مقبول لإنه يؤدّي إلى التناقض . كيف نستطيعُ أن نقبلَ بإنّ الله يخترقُ القوانين التي وضعها هو ؟ .

حين نقرأ الأناجيل ، يظهر لنا يسوع صانع العجائب ، علمًا بإنّ الأعاجيب تشغل فيها مكانا هامّا . والمجادلات التي قامت حول يسوع ، لم تستهدف قدرته على اجتراح المعجزات ، بل استهدفت مصدر هذه القدرة ، فعزاها خصومه إلى الشيطان . ويصعُب علينا من ناحية أخرى أن نحصي عددها بدقّة .

لم يختلق الإنجيليّون أحداث الأعاجيب التي رووها مع وقائعها ، بل استمدّوها من مصادر كتابيّة أو شفهيّة موثوق بها ، كما ذكره لنا لوقا في مقدّمة إنجيله . أمّا طريقة صياغتها وروايتها ، فقد تمّت في الوسط الشعبي الفلسطينيّ ، وعلى نمط رواية العجائب والمعجزات المعروفة آنذاك في الآداب اليونانيّة واليهوديّة . فقد رُويت تلك المعجزات على نمط متشابه ، وتكوّن فنّ أدبيّ خاصّ .

هناكَ حقيقة ثابتة ، وهي أنّ أعاجيب يسوع هي جزءٌ من شخصيّته التاريخيّة ، ويمكنُ تصنيفها في فئتين : الأعاجيب على عناصر الطبيعة وأعاجيب شفاء شياطين وطردهم . ونكتشفُ  في كلّ من الفئتين ، معاني رمزيّة خاصّة بيسوع وبرسالته ، ممّا يضفي عليها الصفة التاريخيّة ، وينفي عنها إمكانيّة إختلاقها أو مجرّد إقتباسها من الآداب القديمة .  غير أنّ هذه الثقة بتاريخيّة أعاجيب يسوع بعامّة لا تشملُ ضرورة جميع التفاصيل الواردة في كلّ منها ، كما أنها لا تتعارضُ مع إمكانيّة تأثير البيئة الثقافيّة في صياغتها وروايتها . ذلك أننا ، وكما ذكرنا ، لسنا إزاء مجرّد تقارير طبيّة أو محاضر شرطة . وعليه ، يجبُ أن لا نتصوّر أن كلّ شيء ٍ في نصّ الأعجوبة ِ قد جرى بحذافيره . ولنا هنا أقوالٌ جميلة رائعة بخصوص التاريخ وسمة المعرفة التاريخيّة ، نختارها من أولا: المدرّس في مدرسة كاندلر لعلم اللاهوت ، لوقا تيموثي جونسون يقول بخصوص "سمة المعرفة التاريخيّة" : " إنّ الكثير ممّا يعدّه البشر ( حقيقة) ، يرتشحُ من المعرفة التاريخيّة ... إن كان التاريخ يتعاملُ مع الأحداث البشريّة وفقا للزمان والمكان ، بحيث يمنحُ المعنى لذلك الزمان والمكان ، ولا يعدّه – ببساطة – كأصناف استنتاجه للإدراك ، فإنّه يفوّت الكثير ؛ على أقلّ مستوىً ، يفوّت أشياء ؛ كالأظافر ، والتشنّجات اللاإرادية لعضلات الوجه ، التي تحصل للإنسان ، إلا أنها لا تظهرُ – حقا – على السطح ، كأجزاء من الأحداث . على أعلى مستوى ، يفوّت الكثير من الأشياء التي هي – حقا – بشريّة  ، أشياء مثل العزلة ، والمغفرة ، والشفقة ، واليأس ، والمعنى ، والقيمة ، والحبّ ، والأمل . ويقول : " إنّ المعرفة التاريخيّة هي كالغربال ، الذي يحتفظُ بالقطع الكبيرة ، ويتركُ الصغيرة لتترشّح عبره " .  قد نتكلّم عن ولادة " الأمم المتحدة " في عام 1945؛ بإنها حدثٌ تاريخيّ غير قابل للنقاش . ونحنُ بهذا " محقّون " ؛ ولكن ، ما الذي شكّله ذلك كـــ " حدث "؟!  منْ شاركَ فيه ؟ متى بدأ ؟ متى إنتهى ؟ .إذا شدّدنا على مثل هذه القضايا ، سندركُ بإنه لصنع " التاريخ " ، يجبُ علينا أن نشرع – بشكل ٍ صُنعيّ – في تحرير بعض  مقاطع التوقّف في الشريط السينمائيّ للتجربة الإنسانيّة ، ويجبُ أن نرسمَ الحدود المميّزة ، التي تمكّننا من التركيز والوصف ، والتعريف ، والتفسير .

ليس كلّ شيء حدثَ هو ، مُسَجّل . ولا كلّ شيء سُجّل َ  ، محفوظٌ  . ليس كلّ شيء محفوظ ، مُحَرّر ، أو مُفسّر ، أو مُترجَم ، أو مقروء ، أو مفهوم . القاعدة الوثائقيّة لمعرفتنا التاريخيّة ببعض " الأحداث العظيمة " هي ضئيلة بشكل مُدهش .

وأيضا ، يقول جون بي ماير في كتابه (اليهوديّ الحدّي : إعادة التفكير بالمسيح التاريخيّ .. يعترف ماير " بإنّ المسيح التاريخيّ ، لا يجب خلطه مع المسيح الحقيقيّ . السيّد المسيح التاريخيّ ليس إلاّ إعادة بناء مستندة على الدليل المتوفّر . ويعترفُ أيضا ، مرارًا وتكرارًا ، بإنّ إعادة البناء التاريخيّ هشّة ، وتتعاملُ مع الإحتمالات بدلا من الحقائق " . يضعُ ماير في الحسبان ، كلّ الشهادات اليهوديّة والإغريقيّة الرومانيّة ، التي تتعلق بالسيد المسيح ، ويُشكّك بالقيمة التاريخيّة للأناجيل غير القانونيّة . هو ، بشكل أساس ، يعملُ وفقا للأناجيل القانونيّة الأربعة ، والتي يعتقدُ بإنّها تقدّم للمؤرّخ أفضلَ فرصة ٍ للحصول على صورة تاريخيّة أصيلة للسيّد المسيح . إنّ ماير ، عالم حذر . ليس هناك َ أيّ شيء ٍ متهوّر ، أو غي ر متقن في تحليله ، يهتمّ بكلّ رأي ، ويقيسَ لكلّ خيار . 

إذا كان الله خالق كل شيء، كيف يمكننا فهم وجود مخلوقات مضرة؟

طرح علينا أحد الإخوة سؤالاً ذكيًا، لخصناه بالعنوان أعلاه، ولكننا نفضل عرضه كما عرضه الأخ نظرًا لأهميته. وهذا هو السؤال : نقول أن الله خلق كل شي ما يرى وما لا يرى وهذا كلام جميل، لكن السؤال هل بمقدور الطبيعة ان تخلق ايضًا؟ وهنا اقصد بعيدا عن الله ، واقول ذلك لان هناك اشياء لا يمكن ان يخلقها الله وهو اله محبّة قبل كلّ شيء، واقصد ان هناك حشرات مضرّة نعلم أنها تكوّنت بسبب اشعاعات نوويّة او غيرها لكن في النهاية هي نفس حيّة. أو مثلا الغدد السرطانية هي غدد حية او البعوض الذي تكوّن من تراكم النفايات ويحيا في الاماكن المقرفة وغيرها. والاهم من كل ذلك، أعطي مثال بنت شابة او أم قام بعض الشباب بالتحرش بها جنسيا وأصبحت حامل ولأسباب معينة دينية او طبية يجب ان تولد تلك النفس الحية. السؤال هل الله تسبّب في خلق تلك النفس الحيّة خاصة عندما نقول انه كل نفس حيّة هي من الله؟