بيان اجتماع المطارنة الموارنة – الاربعاء 6 آب 2014

 عقد أصحابُ السيادة المطارنة الموارنة إجتماعَهم الشهريّ في السادس من شهر آب سنة 2014 في الديمان، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار بشاره بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الكلي الطوبى، ومشاركة صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار نصرالله بطرس صفير وقدسِ الرؤساء العامين، وتدارسوا شؤونًا كنسيّة ووطنيّة، وفي ختام الإجتماع أصدروا البيان التالي:  

Share this Entry

   1. يدعم الآباء موقفَ غبطة البطريرك ونداءاتِه المتكرّرة في موضوع انتخاب رئيسٍ للجمهورية، إذ في إفراغ كرسيِّ الرئاسة إفراغٌ لمعنى الجمهورية، ونتائجُ وخيمة على البلاد وعلى ثقةِ العالم بلبنان. وهم يعتبرون أن الإختلاف السياسيّ في الأنظمة الديموقراطية شيءٌ طبيعيّ، وقد يكون نعمة، غير أنه يتحوّل نقمةً إذا استمر انقسامًا حادًا في صفوف المواطنين، كما نراه عندنا. لذا يدعَون نوابَ الأمة مجدّدًا، وكلَّ القوى السياسية، ونحن في الشهر الثالث من الفراغ في سدّة الرئاسة والخامس من موعد الانتخاب، إلى القيام بواجبهم الدستوري، والإسراع في انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية يعيد اليها انتظامها الديمقراطي، ودورَها الأساسي في خدمة المجتمع اللبناني، ويتيح لها استعادةَ مكانتها بين الدول الراقية.   

   2. آلمتِ الآباء جدّاً، كما كلَّ اللبنانيين، الأحداثُ الدامية في عرسال وجرودها التي افتعلتها تنظيماتٌ أصولية تكفيرية دخيلة، أوقعت ضحايا غالية في صفوف الجيش والمواطنين، واعتدت عليه وعلى قوى الأمن الداخلي، وهدّمت منازلَ ومؤسساتٍ ومدارس، وهجّرت مَن هجّرت من أبناء البلدة، واستغلّت النازحين السوريين الذين استضافتهم الأرضُ اللبنانية. يعلن الآباء دعمهم الكامل للجيش اللبناني والقوى الأمنية، ويطالبون الكتلَ السياسية وجميعَ اللبنانيين بتقديم الدعم السياسي والاجتماعي لهاتَين المؤسَّستَين، أسوةً بما قامت به الحكومة. وإذ يستمطرون الرحمة على الشهداء، ويلتمسون الشفاء العاجل للجرحى، يعربون عن ثقتهم الكبيرة بحكمة المؤسسة العسكرية وبما تقوم به من مهامٍ وطنية، ويثمّنون التضحيات التي تبذلها. وهم يناشدون الدولَ الصديقة أن يمدُّوها بكل ما تحتاج اليه من عتاد، لكي تقوم بالمهام الموكلة اليها بكل عنفوان وثقةٍ بالنفس.

   3. يعرب الآباء عن قلقهم حيال الوضع الاقتصادي المتدهور، ويناشدون الحكومة اللبنانية وضعَ خطة إنقاذية للاقتصاد تُجنِّب البلاد المزيد من الفقر والهجرة. وهم ينظرون باهتمام كبير إلى مطالب العمّال والموظّفين والمعلّمين المحقّة التي تستدعي حلولاً تتماشى مع إمكانيات الدولة، دون إرهاق خزينتها وزيادة ديونها. ولكن يؤسفهم أن يؤخذ طلّابُ الشهادات الرسمية رهينةً لمطالب المعلّمين. فيناشدون المسؤولين تحرير الطلاب لكي يتمكّنوا من تقرير مصيرهم ودخولهم إلى الجامعات، قبل فوات الأوان. وهذا حقّ وعدل يفوقان كلَّ اعتبار آخر.

   4. يستنكر الأباء انتهاك المقامات ودور العبادة، والتعدّي الإرهابي على المسيحيين وبعض الأقلّيات في العراق، ولا سيما في الموصل ومنطقتها، ما أدّى ويؤدي الى تهجيرهم وإفراغ المنطقة من الوجود المسيحي الذي يعود الى ألفي سنة.  وهم يعربون أيضًا عن قلقهم إزاء التهديدات التي تتربّص بمسيحيي سوريا، ولا سيما في منطقة الحسكة، حتى إذا ما تمت تعيد إلى الأذهان تاريخًا أليمًا كنا قد ظننا أنه لن يتكرّر، بخاصة تحت أنظار العالم وصمته، وعجزِ الأمم المتحدة والدول المتقدمة، والدول العربية التي فاخرت دائمًا بأن أوطاننا العربية قامت على اختلاط حضاري، أنجب العروبة الحديثة مفخرةً للعرب والمسلمين. ويُطالبون المجتمع الدولي إتّخاذ التدابير اللازمة لمعالجة هذه الجريمة ضد الإنسانية، ويضمّون صوتهم إلى نداء غبطة البطريرك لويس رفائيل الأول ساكو، بطريرك بابل للكلدان في 5 آب الجاري. وهم يعتبرون أيضًا أن في بقاء المسيحيين في المشرق حاجةٌ حضارية يقتضيها العالمُ المتقدم، الذي سار على نهج التعدّد في الديمقراطيات الحديثة، طاويًا تاريخًا طويلاً من العنصرية والإقصاء والعنف الديني والحضاري. ويهمُّ الآباء أن ينبّهوا الدول الغربية من مغبّة تشجيع المسيحيين على الهجرة إلى تلك الأمصار، إذ بذلك ينعَون مستقبلَ الديمقراطية في الشرق، ويفتحون المنطقة على صراع إتنيٍ ديني تأتي تبِعاته على العالم أجمع.

  5. يشجب الآباء آلة القتل الإسرائيلية، التي تعمل في غزة زارعةً الموت والذعر والدمار، وسط صمتٍ عربي وعالمي مشين. وهم يعتبرون أن لا خلاص من هذه المأساة من دون تكريس حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلّة وعاصمتُها القدس، وجعل هذه المدينة مدينةً مفتوحة بحمايةٍ دولية، وكفّ اسرائيل عن اعتماد ذريعة الإرهاب لزيادة التوسع الاستيطاني، وإلاّ استمر حمّام الدم في جولاتِ عنفٍ لا تنتهي.

   6. تحتفل الكنيسة اليوم بعيد تجلّي الرب يسوع أمام تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا، وفي الخامس عشر من هذا الشهر، بعيد انتقال العذراء مريم بالنفس والجسد الى السماء. في هذه المناسبة يدعو الآباء أبناءهم الى المشاركة في هذه الإحتفالات بما يليق من صلاة وصوم وتوبة وتقوى، سائلين الله بشفاعة العذراء مريم أن يطفئَ ما يتأجج في قلوب المتحاربين في هذه المنطقة من أحقادٍ وبغضٍ وظلم، وأن يرحم جميع ضحايا هذه الحروب العبثيّة، ويعطي المتألّمين فيها صبرًا وقوةً على احتمال آلامهم ، وأن يعيد الأمن والسلام الى ربوع هذه المنطقة التي شهدت تجسدَ ابن الله، وموتَه على الصليب، وتجلّيَه وقيامتَه من بين الأموات لأجل خلاص البشرية.

*  *  *

Share this Entry

Redacción zenit

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير