في القرن الحادي والعشرين، حيث الإنسان سجّل أعلى المراتب في التّقدّم والتطور ، لازال الإنسان يتقدّم إلى الوراء، لأنه بعيدٌ عن الله…
استطاع الإنسان ان يخترق الفضاء ويستكشف أعمق اعماق المحيطات، ولكن لا يزال عاجز عن رؤية وجه أخيه العاري، الصارخ إليه ليحميه…
قد أكون سلبياً في طرحي واستنتاجي لما وصلت إليه البشرية… فليكن هناك تقدم علمي، وحضاري واقتصادي، ولكن، ما دام هناك أيادي خفية تقتل وتسلب وتنهب وتهجّر وتحطّم وتُعَنّف، فلن أشتري التّقدم بِفَلسٍ، ما دمنا عاجزين عن حماية الإنسان…
أرقام وإحصائيات كثيرة ومخيفة، لا داعي لإدراجها وذكرها، ، كلها تبيّن أن أجزاء كبيرة من عالم اليوم تعاني من خطر القتل والاضطهاد والتهجير، نقص في الغذاء والدواء، نقص في ابسط الخدمات… ألخ.
فلنقرأ معاً، التقدم الذي وصل إليه الإنسان:
– الجواب على سؤال الرب: أين أخوك؟ لازال : هل أنا حارس لأخي؟
– الإنسان يسجّل النقطة الأكثر سواداً في التاريخ: الإنسان لازال وحشاً يقتل أخيه الإنسان.
– الانسان مجرد رقم يضاف او يُحذَف.
– الإنسان سلعة، تُباع وتُشترى وبأبخس الأسعار.
– الإنسان هدف ودرع بشري للجيوش المتصارعة.
– ملايين الأطنان من الطعام تلقى في المحيط، والملايين من الأطفال يموتون جوعاً.
– المليارات من الأموال تُصرَف على السلاح، والملايين من المدن والقرى تفتقر لأبسط الخدمات.
– لازال الإنسان داعش لأخيه الإنسان.
– الإنسان ذئب لأخيه الإنسان.
– الكثيرين يربّون ابنائهم على ثقافة التعصب والإنغلاق وأعتبار الآخرين المختلفين، انجاساً.
– بذل الجهود لفرض الللحية والنقاب والحجاب وختان المرأة وجهاد النكاح، أكثر من بذل الجهود للتوعية والتطوير والارتقاء بفكر الانسان نحو الأفضل. والكارثة ان الدول المتطورة ترعى هذا التعصب.
– منع الإنسان من ممارسة حقه في اختيار المكان الذي يعيش فيه بأمان وسلام، في أية دولة في العالم.
– الإهتمام بالحفاظ على تراب الأرض اكثر من الحفاظ على حياة وكرامة الإنسان في نفس تراب الأرض.
– الانسان لا قيمة له أمام السياسة العالمية، فليمت من يموت.
………….
والآن نصرخ وننادي ونقول:
– ما ذنب الأطفال الذين ينمون ويتربون وسط هذه الفوضى العارمة؟
– ما ذنب الأطفال الذين يتهجرون من مكان إلى مكان على وقع أصوات القنابل والقذائف؟
– أي تعليم سوف يتلقى هؤلاء الأطفال الذين يعيشون في هذه البلدان المضطربة؟
– كيف سيكون أطفال اليوم غداً، وهم يتربون على نطق كلمة (داعش)؟
– كيف تريدونني ان أصدّق أن الحياة بقي لها طعم هناك، هناك هناك هناك في أرض ابراهيم واسحق ويعقوب، حيث قتلوا كل ما هو جميل، قتلوا البراءة والبسمة والبساطة؟
أصرخ مع يسوع: إلهي إلهي لماذا تركتني؟
إلهي، إنني انظر إلى السماء الصافية، التي أصبحت مليئة بالدخان، أصبحت مليئة بصراخ أرواح الأبرياء الصاعدة نحوك شاكية وحشية الإنسان…
أنظُرُ إليها، وأنا لا أعرف، هل ستكون روحي بين هذه الأرواح؟ الصارخة والشاكية إليك بؤس وشقاء وبطش الإنسان.
علّم الإنسان يا رب، أن قتل الآخر، لن يكون إلّا تقدّماً إلى الوراء..
علّم الإنسان يا رب، انك جعلت في اعماقه روحاً وبراءة وبساطة ونقاء…
علّمه يا رب أن يلتفت إلى أعماقه، فيكتشفك، ويكتشف سرّ وجوده… فيجيب على سؤالك له: أين اخوك؟ … فيجيبك: انا حارس لأخي، وانا أضحي من أجل ان يحيا أخي…
هكذا، تكون مشيئتك لا مشيئتنا… آمين