شهيد تلكيف الشماس الذي بقي ليخدم النازحين

رسالة من صديق

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

إِلَى أَخِي وَصدِّيقي شَهِيد تلكيف الشَّماس لُجين حكمت نانو لجين…

ربما قريباً كُنتُّ سأكتبُ لكَّ في الأيام القادِمة، نَعَمْ كُنت سأكتبُ لك تهنئةً بمناسبة زواجك وكنت لأتصل بك، و كنت سأكتب لكَّ عندما يرزقك الرب بطفل وتعمده، أو لحظة كنت سأكتب لك “مسج” اسألك عن اوضاع تلكيف كونها تعرضت لمواجهات وكوني على معرفة أن لجين هو من القلة التي بقت في بلدتها رغم المخاطر وقلة الإمكانيات… كنت لأكتب لك أي شيء أو أتصل بك… لكن أن أكتب لك في خبر اِستشهادك!!! كلا هذا كان من أبعد ما يخطر على البال بل مستحيل!!!

في يوم كاد أن يكون عاديًا إلى أن وقعت عيناي على خبر وفاتك كُتِبَّ في الفيس بوك… مهلاً… الفيس بوك هذا الأيام بات مصدر كبير للإشاعات وترويجها، فمنذ دخول “داعش” وقواتها إلى العراق، لم تسلم وسائل التواصل الإجتماعي من بث الإشاعات والرعب في قلوب الناس، فما كان مني إلا كرد فعل بسيط أن أمرر الأخبار للأسفل يقيناً مني أن الخبر مجرد كذبة كتبها شخص يحقد عليك أو يكرهك ولعلي أرى من يكذب الخبر… لحظة… خبر آخر مرفق مع صورة “الشهيد الشماس لجين” وهكذا خبر بعد خبر… ماذا؟؟!! هل كل الناس تكذب أم لكونها ” على نياتها ” ينشرون الخبر ظناً منهم أنهُ صحيح… ماذا؟ … رسالة من صديقي في العراق نصها: “يكلك علكت بتلكيف، ثلث هاونات بتلكيف، ولجين انصاب وهسة هو بطوارئ مال دهوك” بعد فترة زمنية ” اكيد سمعت لجين توفى جان بمستشفى شيخان”… وبعد إتصالات ومحادثات… للأسف تأكد الأمر في هذه اللحظة الأخيرة ….

توقفت الدنيا….

محال تقبل الحقيقة …

لجين استشهدت؟!…

دموع عاجزة وذكريات جميلة باتت مؤلمة…

كيف وأين استشهدت؟! …

تضاربت الروايات حول موتك… إلى أن ثبتت على حقيقة واحدة اكدها من كان معك… ونشرت على المواقع الإلكترونية: “فصائل داعش قصفت مساء أمس الاثنين 4/8 تلكيف بقذائف هاون، وعندما كان بعض الشباب يخرجون من البلدة مع الاب هديل وقعت فذيفة بقربهم فقتلت الشاب لجين حكمت فرنسي أحد حراس البلدة وهو غير متزوج” هذا ما كتبوه عنك لجين… هل صحيح ما كتب؟! أم أنه مجرد كابوس يجب الأستيقاظ منه؟!… للأسف تأكدت الشكوك… لماذا يا داعش؟!… هل قلوبكم قاسية لهذه الدرجة أن تطلقوا قذائف على أناس عزل لم يمتوا لكم بأذى… ألم تفكروا أين ستقع هذه القذيفة ومن ستؤذي؟! لماذا يا داعش؟!…

بعد أسبوع كان سيتزوج ممن أحبها وربما كان سيسافر وببني عائلته ومستقبله بعيداً عنكم بعد أن اجبرتم سكان الوطن على الخروج منه؟! لماذا يا داعش؟!… بأي ذنب… لماذا لجين… أعرف… لم يحمل سلاح ولم يؤذي أحداً؟! لماذا يا داعش؟!… هل لأنه قرر أن يبقى في بلدته وأرضه إلى آخر ثانية… ليساعد في توصيل الماء للنازحين… أو ليعبر عن وفائه لبلدته… أو لأنه كان متأكداً ان تلكيف بمأمن ولن يصيبها أذى؟! لماذا يا داعش؟!… هذا الذي قتلتموه كان صديقنا العزيز وأخانا وسيبقى كذلك … من سيقوم بتمثيل مشهد الميلاد ومشهد لص اليمين “الكَياسة” ومشهد القيامة… ألم يخطر ببالكم من سيظحكنا ويمزح معنا ويرسم البسمة والضحكة على وجه الكبير قبل الصغير… ألم تقولوا من سيقوم بخدمة الكنيسة بتفان ومحبة وإتقان ويحرسها… ألن تشفقوا على خطيبته أو على أمه المسكينة أو حتى على أخته وأخواته؟؟! بأي ذنب… فقط أمهلوه بضع دقائق أو ثواني ليتمم العمل الذي كان يقوم به في مساعدة الناس المتبقين في تلكيف على الخروج… أوحتى دعوه أن يودع أهله واحبائه!! حتى من دفنه في قريته وقرية اباه وجده منعتموه… منعتموه من ان يدفن عند والده الذي طالما أحبه… منعتموه من أن تحضنه امه للمرة الآخيرة …. منعتموه من رؤية خطيبته التي كانت لتصبح زوجته بعد أيام قليلة …. منعتموه من أن يلقي النظرة الأخيرة على احبائه ويودعهم… لماذا قتلتموه يا أعداء الإنسانية!! قد تكون تسألاتي هذه ساذجة … في عالم بات فيه قتل الإنسان لأخيه الإنسان أمراً عادياً جداً… أتعلم يا صديقي لجين أن الذين قتلوا ظلماً وبدون سبب هم شهداء الايمان والوطن وأن الله لن يترك دماءهم تذهب هدراً نعم نحن على يقين من ذلك بل ان الرب سيتقبلها تقدمة راضية في ملكوته وستكون تضحيتك رجاء في طريق استقرار بلدنا وذكراك ستبقى في قلوبنا في يوم 6 حزيران 2014 بعثت لي رسالة أدركت فيها كم هي فرحتك كبيرة بتحقيق حلمك، هذا نصها: لجين: “هلو اخون شلونك شخبارك اهلك شلونهم انشالله بخير اخون انشالله اني 8/11 راح اتزوج سﻻمي للاهل” ماثيو: “هلو لجين اني زين وات شلونك اخبارك، فرحت هوايا من سمعت راح تتزوج” لجين: “الله يخليك انشالله حياتك كله افراح يوم الي اشوفك قس ياربي” ماثيو: “تسلم حبي لجين، تمنيت لو جنت موجود يمكم” وانتهت المحادثة بعدم تحقيق الحلمين ، لا أن يراني لجين كاهناً، ولا ان أحظر حفل زفافك. وداعاً يا لجين انت اليوم مع المسيح في الفردوس… إخوتي وداعاً، فالرب قد ناداني، حبكم أشغل قلبي، لا تنسوني. صديقك الشماس القارئ ماثيو شمامي

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

Mathew Shamami

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير