بعيد الإضطهاد القوي الذي يتعرض له كل مسيحي اليوم في العراق ها هو الفاتيكان يسجل موقفًا حاسمًا بعيدًا كل البعد عن الموقف الذي سجله من الهجمات الأميريكية على سوريا حين مانعها وعارضها ولكنه اليوم يوافق على الضربات العسكرية ضد الجهاديين في الدولة الإسلامية وذلك لحماية الأقليات في العراق التي تتعرض لهجمات خطيرة وشديدة للغاية.
وفقًا لما نشرته صحيفة لوريان لوجور فقد سجل مراقب الكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة المونسنيور توماسي مداخلة عبر إذاعة الفاتيكان دعم فيها القرار بالضرب العسكري على الجهاديين الذي أعلنه باراك أوباما مشددًا على أنه يجب التحرك فورًا قبل فوات الأوان، موضّحًا بأن المساعدات الإنسانية ضرورية ولكن التحرك العسكري له الأولوية الآن.
هذا وسجل الموقف نفسه رئيس أساقفة العمادية المطران ريان القس قائلا أنه يجب على الطائرات الأميريكية أن تتدخل كي لا يتنقل الذئب بين القطيع ويلتهمه. الى جانب ذلك كان البابا فرنسيس قد رفع النداء خلال التبشير الملائكي يوم الأحد حين ذكّر الجهاديين بأنه لا يمكن أن تندلع الحرب باسم الله ودعا الى حل سياسي فعال على المستوى الدولي لوضع حد للجرائم من دون أن يأتي على ذكر الضربات الأميركية المقررة. في وقت سابق أيضًا، كان ممثل الكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة قد طالب بكشف هوية كل من يمد الجهاديين بالأسلحة والمال.
أما من جهته فقد أبدى البطريرك ساكو أملا ضئيلا بنجاح التدخل الأميريكي الذي وبرأيه قد يحمي العاصمة ولكنه لن يتمكن من إيقاف هجمات الجهاديين، ودعا رعاياه للبقاء حتى لا تتحقق رغبة الجهاديين بالحصول على عراق خال من المسيحيين أي طلب منهم عدم القبول بالتأشيرات التي تمنحها فرنسا المستعدة لاستقبال النازحين.
بعد أن تعالت الانتقادات وانهالت على الفاتيكان مشددة على أن البابا لم يتحرك وقد تم تهجير أكثر من 200000 شخص، عين فرنسيس الكاردينال فيلوني ليذهب الى العراق، وبين معارضة الضربات الأميركية على سوريا عام 2013 والموافقة عليها الآن ترسم عدة علامات استفهام… فالبابا قد عارض الضربات التي كانت مقررة على سوريا وعين ليلة صلاة من أجل السلام ومن أجل إحباط التدخل الأميريكي، ولكنه اليوم لم يظهر أي موقف ضد الموضوع فقد تم تبليغه بأن العراق قد يفرغ من مسيحييه.
تكلم جون ألن، وهو خبير أميريكي في “البوسطن غلوب” عن الموضوع وقال أن الفرق واضح ولا يمثل أن تغيير في فلسفة الكرسي الرسولي لأن الوضع اليوم لا يشابه أبدًا الوضع الذي حل في العراق عام 2003 ولا وضع عام 2013 في سوريا، وبنظر الفاتيكان إن الوضع الحالي مروّع وليس له بديل. من منطلق الدفاع عن النفس قد يبدو مقبولا التدخل الأميريكي في العراق اليوم لأن الحلول السلمية استنفذت، ويجب الدفاع عن الأقلية التي تسير نحو الإبادة الجماعية.