الأمر الوحيد الضروري لكي ينتصر الشر، هو ألا يفعل الأخيار شيئًا

حول رسالة البطريرك ساكو إلى الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الصمت جريمة حرب. وما يجري في العراق منذ أكثر من شهر ونصف هو جريمة بحق كل الإنسانية، لا بل بحق الله. والمضحك المبكي في الأمر، أنه يجري باسم الله!! أي إله؟ إله المكفّر الكافر الذي لا يعرف إلهًا ولا يعرف إنسانية ولا يعرف دينًا.

إن المطالبات بالاغاثة، بالعون، بوقف العنف والدعوة إلى التهدئة من قبل سائر رؤساء الكنائس بدءًا برأس الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس لم تجد تجاوبًا يُذكر من قِبل المؤسسات العالمية والدول الكبرى. فدون أن ننكر ما تم القيام به من قبل الدول العظمى، أعتقد أن الكثيرين من القراء الكرام يوافقونني الرأي بأن ما قامت به الدول الكبرى والقادرة أقل بكثير مما يتوجب عليها القيام به. وأقول “يتوجب” لأن حالة العراق والشرق الآن هي وليدة سياساتها الخاطئة، الأنانية والمبنية على أُسس استهلاكية اقتصادية، لا إنسانية وتعاضدية.

وقد سرني – بعد أن قرأت طلب البابا إلى بان كي مون، أمين عام الأمم المتحدة بالتدخل بشكل فعال، وبعد أن قرأت أيضًا مطالبة جميع الأساقفة الأوروبيين بالتدخل الدولي الحازم “بكل الوسائل الضرورية” لوقف وحشية التهجير والتكفير – سرني أن أقرأ رسالة بطريرك الكلدان مار لويس ساكو الأول إلى الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية.

سرني لأنه لم يلتزم بمرض العصر المعروف باسم “politically correct”. مرض المجاملة الذي يذهب ضحيته البريء والطفل والعجوز والمسيحي المسالم و حشد غفير من العُزّل.

يخاطب البطريرك بجرأة وصدق الضمير العالمي لافتًا من جديد انتباهه إلى أننا وقفنا صامتين أمام “زلزال بشري” كانت ضحيته لا الآلاف، ولا حتى عشرات الآلاف، بل مئات الآلاف من الأبرياء.

ويسلط البطريرك الضوء على موقف الجماعة الدولية المؤلم. مؤلم لأنه صامت، لامبالٍ، بليد وغير كفوء. يقول صاحب الغبطة: “أمام ضخامة الحدث وخطورته،  نرى من مسؤوليتنا الروحيّة والانسانية أن البيئة غير مؤهلة،  والمعاناة تتعاظم. وإذ نلمس أن الجهد الأممي لإنقاذ هذه العائلات شبه غائب، فإننا نلفت انتباه الأسرة الدولية، إلى عدم امكانية التعويل حاليا على الحكومة المركزية”.

نعم، الموقف الدولي قد استعمل حتى أيام قليلة تعابير تثير الغضب: “ربما نحن أمام كارثة إنسانية”. ربما؟!!!!!! ربما؟!!! أين تعيش لتقول ربما؟!! نحن بالتأكيد أمام أكبر جريمة جماعية في مطلع الألفية الثالثة. وسنمر على التاريخ الذي سيتفل في وجهنا لأننا صمتنا.

لذا، لا نصمتنّ، بل فلنجعل صوت البطريرك صوتنا ولنطالب معه بتدخل ملموس، هو واجب على من أضعف البنى التحتية لدول الشرق. فلنقل مع البطريرك ساكو: “بعد أن أقر الجميع بخطورة الإرهاب عالميًا، ننادي الولايات المتحدة الامريكية التي لا ينكر العالم نفوذها ويرى تحمـّلها الجزء الكبير من مسؤولية هذا الفراغ، ونحضّ الاتحاد الأوربي في مواقفه المتزايدة، وننتخي فروسية المواقف لدى زعماء الجامعة العربية، للتكاتف ضدّ شبح الإرهاب، والتحرك السريع لتحرير بلدات سهل نينوى من المقاتلين الجهاديين لتتمكن هذه  العائلات من  العودة  الى بيوتها  واستعادة  ممتلكاتها والمحافظة  على خصوصيتها الدينية والثقافية والتراثية  من خلال تأمين حماية دوليّة  فاعلة لحين استقرار المنطقة  وتتمكن الحكومتان المركزية  وحكومة اقليم كوردستان من فرض القانون”. 

ولنذكر ما قاله إدموند بوركه: “الأمر الوحيد الضروري لكي ينتصر الشر، هو ألا يفعل الأخيار شيئًا”. فمن ليس مع الخير، الخير الأوحد، هو ضده.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير