نحنُ لا نعرف ولا ندركُ من أينَ يأتي النبع وما هو مصدره، بل نؤكّد فقط إنه يأتي من غياهب الجبال والأغوار السحيقة ، أنه السرّ الكبير …
لكنْ ، كوني محدودًا في الزمان والمكان ، أقدرُ الآن ، إن كنتُ ساكنا في أحدى الجبال، أو المغاور ، أن أرى ” الماء ” ، فهو يكفيني لكي أروي نفسي به..فأنا لا أرى حقيقة النبع – الأصل ، لكنّي أرى الآن ” الماء ” أمامي واضحًا، وهو بوجوده يكشف لي داخليّا سرّ النبع الأصليّ الحقيقي ، لا ظاهرًا بل في عمق أعماق حياتي ، ويجعلني كلّما شربتُ من هذا الماءَ ، اللذيذ ، الطيّب ، أن أظلّ أرتويَ منه ، ويعطيني صورة للنبع – الأصل – السحيق اللامرئيّ ..
فهذا ما أحتاجهُ الآن ” الماء ” ، لا أحتاج ولا أقدر أن أخذ النبع كاملا .. الماء أمامي هو صورة النبع الأصلي .. لكنّ ، الماء هذا ليس مفصولًا عن النبع أبدًا ، فهو نبعٌ وماءٌ .. والنبع هو الماء ذاتهُ من جوهرهِ الأصليّ ..
النبع = الآب
الماء = الإبن
__ قد تقولونَ الأن أينَ هو الروح القدس ، الأقنوم الثالث … ؟؟!
الروح القدس هو = الإرتواء …… كلّما أشرب من الماء ، سأرتوي منهُ وسأظلّ أشربُ وأشرب ولا أشبعُ أبدًا من شرب الماء .. لإنه الحياة من الحياة .. هكذا هو الآب الحياة في ذاتهِ ، جعل أن يكون للإبن الحياة في ذاته .. والأرتواء هو سرّ هذه الدهشة والإمتلاء