لقد فقدت كُلَّ الكلِمات معناها،

وكُلَّ الاوصافِ والتعابيرِ صداها،

وكُلَّ التوضيحات والتبريراتِ وَقعها وقواها!!!

لم يعُد لدينا ما نتَّكِلُ عليهِ في لحظة السقوط،

ولا من نعولُ عَلَيْهِ عند البؤسِ والحاجة،

وليس هُناك من يُسمَعُ أنيننا،

ولا من يرى موتنا،

او حتى يشعُرُ بشدَّةِ المصيبة!!!!!

العالمُ ينظرُ ولا يرى،

يسمعُ ولا يُصغي،

يفهمُ ولا تتحركُ مشاعرهُ،

وبجبروتٍ كبير يتغاضى، ويتنحى، ويلعبُ دور ( الغافل، او الجاهل)!!!!

فماذا بقي لنا ان نقول؟

لم يعد من شيءٍ ليُقال في ساعةِ المَوتِّ والهلاك...

قُلنا، وكررنا، وزِدنا القول بالصرخاتِ والاستنكار،

بكينا، وشكينا، وانتحبنا حتى الإختناق...

رفعنا أصواتنا بالاستنجادِ حتى صمتت،

ذرفنا دموعاً من حرقة الظُلمِ والإنسحاقِ، حتى جَفَّت مُقَلُ العيونِ وذابت...

ماتت الطفولة،

مات الشبابُ وطموحاتهم الكبيرة ،

ماتت أمالُ العذارى و أحلامهم الجميلة،

مات فخرُ المسنينَ واعتزازهم بالأبناء الذين تواروا تحت ترابٍ مليءٍ بالدماء...

أرضُنا التي كانت يوماً عروسَ الفردوسِ تزهو بالجمال، هي اليومَ ثُكلى تبكي ابنائها، متوشحه بمسوحٍ من دِماءٍ ورماد...

فماذا بقي ليُقال، وبماذا نصِفُ حالُنا اليوم؟

هي نيرانٌ تحرقُ فؤادنا، وحسبي انها أحرقت ضمير العالمِ ايضاً،

أسىً كما الوباءِ ينخُرُ فينا حتى النُخاع حتى سَلَبَنا انسانيتنا، وكرامتنا....

أصبحنا أشباحاً لا تقوى ولا حتى على التجوالِ بين البشر، اذ لم نعد نرى من بين الاحياءِ "بشرا"، بل هُم إما متوحشون، او متغافلون، وكلاهما فاقدٌ للرحمة، فاقدٌ للحب، فكيف نُسميهِ بعد ذلك بشراً؟!!!

كيفَ، وبماذا نصِفُ ما يحصُل اليوم؟؟؟

إنهُ عودةٌ لقايين الذي تمادى بشراسة على اخيهِ فقتل معه الرحمة في قلب العالم....

انه طوفانٌ يكسو الأرضَ بالدماء بدلاً من المياه كما مع نوح....

إنها مسيرةُ هجرةٍ كبيرة كما مع موسى هرباً من الإظطهاد، وخوفاً من الهلاك، وحفاظاً على الايمان...

اجل هذا هو حالُنا، وما يحصُلُ معنا،

ويتسأل المتسألون: كيف لكم ان تثبتوا، وتصمدوا، وفي ايمانكم تتشبثوا؟؟!

نقول نعم فنحنُ ابناء القيامة،

نحنُ رُسل الفادي الذي غلبَ الموت،

نحنُ شركاء الملكوت مع ابن اللَّهِ ربنا والهنا،

نحن شعبٌ بلا وطن، لأننا كنيسة العلي،

نحنُ شعبٌ بلا كنوز، لان لنا ميراثاً في بيت الآب،

نحنُ شعبٌ لا يصمدُ فينا الأسى، لأننا ابناء الفرح،

نحنُ شعبٌ نحملُ صليبنا بوجعٍ كبيرٍ، نعم، انما برجاءٍ وايمانٍ اكبر ان الهنا يحملُ عنا اثقالنا...

فإليك يا ايها الرحمة المطلقة نُقدِمُ ذواتنا، 

لك شكوانا، ودُعانا، وصلاتنا،

وحسبنا ان نثبت فيك فتلك قوتنا

رعيدي دشّن دير مار أنطونيوس في جزين وأسف لاستمرار المركز الأول في الدولة شاغراً

أسف الرئيس العام للرهبانية المارونية الأنطونية الأباتي داود رعيدي لبقاء موقع الرئاسة الأولى في لبنان شاغراً طوال هذه المدة. وقال: “إنّ فرحة إنجاز أيّ مشروع في الحياة لا تساويها فرحة، ففرحة أن ترى ابنك يخطو خطواته الأولى تشعرك وكأنّ العالم بدأ بالسير معه نحو الغاية المنشودة، وانّ آخر من أبنائك نجح في الثانوية فكأنّه أصبح مديراً عاماً، أو رئيس جمهورية. ولكــــن مــــــــــع الأسف لا يزال المركز الأول في الدولة اللبنانية شاغراً طوال هذه المدّة”.
حديث الأباتي رعيدي جاء في احتفال تدشين الرهبانية المبنى الجديد لدير مار أنطونيوس البادواني في مدينة جزين، والذي أنجز العمل فيه في وقت قياسي لا يتجاوز السنة ونصف سنة، في عهد رئيس الدير الأب طوني التنوري، وفي إشراف القيّم العام على الدير الأب جوزف – ماري كرم، فأتت النتيجة بناء حديثا ومميزا وذا قيمة معمارية لافتة وواحة روحيّة مهمّة لأهالي المدينة.
وترأس رعيدي الذبيحة الالهية التي أقيمت في الباحة الخارجية للدير بمشاركة راعيي أبرشيتي صيدا وصور المارونيتين، ولفيف من المدبرين والرهبان والراهبات والكهنة، وحشد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والأمنية والمصلين.
وألقى عظة تناول فيها “أهمية تشييد هذا البناء الجديد للدير وأثره المادي والروحي على أبناء مدينة جزين”، ولفت الى المدفن الجماعي الذي وجد قرب الدير عند حفر الأساسات والعائد الى مجازر 1860 وقال: “لا أريد أن أذكّر بالمجازر التي حصلت عام 1860، وهو ما عايناه في مدفن جماعي قرب المبنى الجديد عند حفر الأساسات، وقد يكون المدفونون رهباناً أو مصلّين مع الرهبان والراهبات، ولكنهم استراحوا جميعاً بانتظار يوم القيامة”.
وشكر كلّ مَن ساهم في إنجاز هذا العمل بدءاً من المهندس فادي عون وكلّ العاملين مروراً برئيس الدير والقيّم وكلّ من بذل جهداً أو وفّر دعماً، وقال: “هذا هو الدير الذي عملنا عليه والذي نقدمه لكم اليوم واحة صلاة وخلوة جمال لنعبر منه الى ذاتنا الى الله والى العالم الجديد”.
وكان القداس استتبع بكلمات ألقيت في المناسبة قبل أن يزاح الستار عن لوحة التدشين.