هل أنشأ يسوع المسيح كلّ الأسرار السبعة .. ومتى حُدّد عدد الأسرار في تاريخ الكنيسة ؟

في الإيمان المسيحيّ ، الأسرار هي العلامات الأشدّ كثافة لعمل الله الخلاصيّ . فيها تصير نعمة الله حاضرة وفاعلة . الأسرار تعودُ إلى يسوع المسيح ، الذي هو السرّ الأصليّ للخلاص ، فهو الذي ، وقد ولجَ  تاريخنا بوصف كيانه  كلمة الآب وكان حضوره بالتالي فعّالا وبخاصّة بالصليب والقيامة ، أنشأ الأسرار في كنيسته . لكن ، هذا لا يعني أنّ يسوع قد أنشأ كلّ الأسرار في حياته على الأرض بكلمة تأسيس صريحة (كما هي الحال في سرّ الإفخارستيّا) ، أو أنه حدّد كلّ تفاصيل  طقوسها . بل يعني أنّ الأسرار تجد ركيزتها في مجموعة عمل الخلاص الذي أجراه يسوع المسيح ، وإنها تشكّل كلّها معًا وحدة عضويّة .

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الكنيسة هي ” في المسيح بمثابة السرّ ، أي العلامة والأداة للإتحاد الصميم بالله ولوحدة الجنس البشريّ برمّته ” . وهي تمنح المؤمنين مساعدات أسراريّة في الحالات الأساسيّة من الحياة البشريّة . ” إنّ الله غير المنظور يلتفت إلى الإنسان في علامة السرّ المنظورة ليعطي ذاته له ، وهكذا يعرض عليه الخلاص . والمؤمن يتقبّل هذه العطيّة في الحرية والشكر . وهكذا فالأسرار هي علامات للإيمان من زاويتين : فالمؤمن  ، بتقبّلها ، يشهدُ لإيمانه بمؤازرة الله الفعّالة ؛ وفي الوقت عينه فإنّ عمل الله هذا يعطيه الإيمان ويثبّته ( السينودس الألمانيّ العامّ : نقاط كبرى في رعاية الأسرار اليوم ) .

لقد عهد يسوع المسيح بالأسرار إلى كنيسته بمثابة العلامات الدائمة لقربه ومحبّته . وهي مكلّفة بالسهر على أن تحافظ جماعة المؤمنين على الإستعمال الصحيح للأسرار وعلى العيش بمقتضاه .

أمّا عدد الأسرار الصحيح ، فلم يتحدّد إلاّ تدريجيّا في تاريخ الكنيسة . لقد مارست الكنيسة الأسرار منذ أقدم العصور . غير أنّ عدد الأسرار لم يوضَح لأوّل وهلة بوجه صريح ، إذ إنّ مفهوم السرّ لم يكن قد تمّ تكوينه بوضوح . ولم يتّضح هذا المفهوم إلا مع السكولاستيكيّة ، التي تبيّن لها بوجه أفضل أن بعض العلامات المحدّدة يجب أن يُعترف لها بصفة السرّ . وإذّاك فقط (ابتداءً من القرن الثاني عشر) حدّد اللاهوت عدد الأسرار السبعة وأبرزه . وأعادت تأكيد هذا  العدد في القرن الثالث عشر سينودوسات الكنيسة ومجمع ليون (سنة 1274 ؛ دنتسنغر 860) ، الذي أحصى بالتفصيل عدد الأسرار السبعة . وأعاد المجمع التردنتينيّ هذا التعليم مضيفا أنه لا وجود ” لأسرار أكثر أو أقلّ ” ، أي المعموديّة ، والتثبيت ، والإفخارستيّا ، والتوبة ، ومسحة المرضى ، والكهنوت ، والزواج .

ثمة طقوس أخرى ، وبركات وأعمال رمزيّة في الكنيسة لا تدعى أسرارًا بل أشباه أسرار : بركة الماء أو الخبز ؛ البركة بالماء المقدّس ، إشارة الصليب ، البركة لدى الدخول في رتبة كنسيّة أو رهبانيّة ، وكثير غيرها بخلاف الأسرار ؛ أشباه الأسرار لا تعود إلى المسيح ، بل انتشرت في الكنيسة كأشكال تعبير عن العبادة . وهي تشهد أن العالم كلّه يحيط به صلاح الله ومحبّته .

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير