الكنيسة هي ” في المسيح بمثابة السرّ ، أي العلامة والأداة للإتحاد الصميم بالله ولوحدة الجنس البشريّ برمّته ” . وهي تمنح المؤمنين مساعدات أسراريّة في الحالات الأساسيّة من الحياة البشريّة . ” إنّ الله غير المنظور يلتفت إلى الإنسان في علامة السرّ المنظورة ليعطي ذاته له ، وهكذا يعرض عليه الخلاص . والمؤمن يتقبّل هذه العطيّة في الحرية والشكر . وهكذا فالأسرار هي علامات للإيمان من زاويتين : فالمؤمن ، بتقبّلها ، يشهدُ لإيمانه بمؤازرة الله الفعّالة ؛ وفي الوقت عينه فإنّ عمل الله هذا يعطيه الإيمان ويثبّته ( السينودس الألمانيّ العامّ : نقاط كبرى في رعاية الأسرار اليوم ) .
لقد عهد يسوع المسيح بالأسرار إلى كنيسته بمثابة العلامات الدائمة لقربه ومحبّته . وهي مكلّفة بالسهر على أن تحافظ جماعة المؤمنين على الإستعمال الصحيح للأسرار وعلى العيش بمقتضاه .
أمّا عدد الأسرار الصحيح ، فلم يتحدّد إلاّ تدريجيّا في تاريخ الكنيسة . لقد مارست الكنيسة الأسرار منذ أقدم العصور . غير أنّ عدد الأسرار لم يوضَح لأوّل وهلة بوجه صريح ، إذ إنّ مفهوم السرّ لم يكن قد تمّ تكوينه بوضوح . ولم يتّضح هذا المفهوم إلا مع السكولاستيكيّة ، التي تبيّن لها بوجه أفضل أن بعض العلامات المحدّدة يجب أن يُعترف لها بصفة السرّ . وإذّاك فقط (ابتداءً من القرن الثاني عشر) حدّد اللاهوت عدد الأسرار السبعة وأبرزه . وأعادت تأكيد هذا العدد في القرن الثالث عشر سينودوسات الكنيسة ومجمع ليون (سنة 1274 ؛ دنتسنغر 860) ، الذي أحصى بالتفصيل عدد الأسرار السبعة . وأعاد المجمع التردنتينيّ هذا التعليم مضيفا أنه لا وجود ” لأسرار أكثر أو أقلّ ” ، أي المعموديّة ، والتثبيت ، والإفخارستيّا ، والتوبة ، ومسحة المرضى ، والكهنوت ، والزواج .
ثمة طقوس أخرى ، وبركات وأعمال رمزيّة في الكنيسة لا تدعى أسرارًا بل أشباه أسرار : بركة الماء أو الخبز ؛ البركة بالماء المقدّس ، إشارة الصليب ، البركة لدى الدخول في رتبة كنسيّة أو رهبانيّة ، وكثير غيرها بخلاف الأسرار ؛ أشباه الأسرار لا تعود إلى المسيح ، بل انتشرت في الكنيسة كأشكال تعبير عن العبادة . وهي تشهد أن العالم كلّه يحيط به صلاح الله ومحبّته .