واقعية الحب في تعليم القديسة تريزيا الطفل يسوع

(قصيدة العيش بالحب) الجزء الثاني

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

١- بحسب القديسة تريزيا : الحب ليس علاقة رومانسية أو مجموعة عواطف وأحاسيس وصور فضفاضة نسقطها على الآخر، لأن الرومانسية بحدّ ذاتها هي: تخيلات، وأنانية، وكذبة، هي شكل من أشكال حب الأنا، إذ تجعل من الآخرين لذة.
أما مقياس الحب الحقيقي، منوط بمدى مشاركة المحبوب في حمل الصليب والثبات معه والأمانة لعهد الحب والإلتزام بوصاياه: من عيش فاعل لفضيلة طهارة القلب والعقل والفكر وعفة النفس والجسد ونظافة الكفين (لينال بهما شرف حمل صليب العريس)، فمن يحيا الحب، يمنحه الحبيب الإلهي، قوة وعزما، يجابه بهما كافة التحديات دون خوف أو هروب أو يأس.
لهذا تضعنا تريزيا أمام نوعية ونظرة وفهمنا الحقيقي للحب المسيحي الفدائي، الذي وجب به أن نحب الله وذاتنا- هويتنا والآخر المختلف، فنحيا بالحب ونخلص.

٢- الحب الحقيقي برّاء من ذهنية المنفعة: كمنطق الحسابات والمكافآت وجوائز الترضية، والمراتب والميداليات والكؤوس، والأوسمة، والوعود الرنانة. تقول تريزيا: ” الحب عطاء بدون حساب فعندما نحب لا نُجري حساب…” (فقرة٥). سلّمها يسوع مقاليد حبه- قلبه، فصارت تجري جريّ الأبطال الشهداء. فمن يحيا هذا الحب، لا يتعب من الحب، لأنه يمتلك أجنحة النسور، يطير بهما نحو قمم التضحية والبذل ونحو وادي الإستشهاد والآلام. معركة تريز شعارها: حب يسوع فوق كل اعتبار.

٣- الحب الحقيقي:  ينفي عنه كل أشكال الخوف، يلاشي التهديد بجرأة القداسة، ويحطم الوعيد بالأمانة والشهادة، يواجه الحقد والغضب والنجاسة بروح الوداعة والمغفرة والبسالة، لا يأبه لأي من صغائر الدنيويات وموبقاتها، فالخطيئة تنهزم وتتقهقر أمام سلطان الحب، فإنه كتسونامي، يطيحها بأمواج الحقيقة العاتية، وبسلاح الصلاة والصوم والتضحية والشهادة.

٤- الحب الحقيقي : هو كالنار الآكلة، لهيبها تحرق كل أشواكنا- خطايانا، ولاسيما أشواك ماضينا، والذي أحيانا يرعبنا ويتعبنا فيرهقنا بإخفاقاته وذكرياته الحزينة والصعبة والقاسية، فيدخله يسوع إلى أتون رحمته، وهنالك يشتعل ويحترق بحب قلب يسوع ويتجمّر بمجامر مغفرته وحنانه.

نتعلّم من تريزيا، معنى عيش الحب الحقيقي الواقعي في حياتتا العاطفية والزوجية والتكرسيّة، هذا الحب الذي يقبل، أن يتحمّل كافة أنواع االتحديات بهدف إرضاء يسوع؛ هو حب لا يتعب من الحب، لا يقبل سياسة الحسابات الرخيصة ولا يهمه أي ماض، ما دام يسوع يحرق كل شيء بلهيب شعلة الحب.
يبقى علينا أن نتعلّم من القديسة تريزيا، كيف نحب ولماذا نحب، وما هدف هذا الحب، والى أين سيقودنا هذا الحب.
ما يهم تريزيا، ألا نحب بغباء لأن الغباء يفقد النفوس بهجة الحياة ورونقها وهدفها. هناك من حب بغباء فقد حياته واندثر، وهناك من حب يسوع في الآخر (لاسيما العدو) فقد حياته، لكنه فاز وانتصر. 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الخوري جان بول الخوري

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير