آية يونان هي إشارة لموت السيد الرب وقيامته؛ كي نموت معه ونقوم، ونصلي قائلين : (دعوتُ من ضيقي الرب فاستجاب، صرختُ من جوف الهاوية فسمعتَ صوتي، طرحتَني في العمق فأحاط بي الموت، جازت فوقي جميع التيارات واللُجَج فقلتُ : قد طُرِدْتُ من أمام عينيك ولكنني أعود أنظر هيكل قدسك، قد اكتنفتني المياة وأحاط بي الغمر والتَفَّ عشب البحر برأسي، نزلتُ إلى أسافل الجبال، مغاليق الأرض إلى الأبد، ثم أَصعدتَ من الحفرة حياتي أيها الرب إلهي، حين أعْيَتْ فيَّ نفسي ذكرتُ الرب فجاءت إليك صلاتي إلى هيكل قدسك. الذين يُراعون أباطيل كاذبة يتركون نعمتهم؛ أما أنا فبصوت الحمد أذبح لك وأُوفي بما نذرتُ للرب الخلاص).
هكذا هي حالتنا اليوم عندما نجتاز الآلام ونتمرر نتيجة العصيان والنفاق والتزييف والمظاهر، وحين نراعي الأباطيل الكاذبة والمجد الفارغ… هنا ينبغي أن نموت عن خطايانا ونتوب ونرجع كي لا نهلك ونرتب بيتنا الداخلي، حينئذٍ يُسَكِّن العاصف والأمواج العاتية؛ لأن البحر والبر يطيعانه. إنه موت وقيامة، إنه طريق الجلجلثة وحمل الصليب، إنه السُلَّم الموصِّل للسماء (لأن هذا الجنس لا يخرج بشيء إلا بالصلاة والصوم) هذه هي أسلحتنا، نصلي ونحن نعمل؛ ونعمل ونحن نصلي، هذه هي آية التائبين؛ فلنسرع إليها حتى لا نهلك وحتى يتراءف الله على العالم؛ وحتى تَسْتَدَّ عنا أفواه الأسود والتنانين.
في يد الله وحده أمْرُنا، وهو الذﻱ سيأمر البحر والعاصف والأمواج والحوت حتى لا نُبتلع ونُطرد من أمام وجه القدير. ولنَكُنْ شعبًا خائفًا الرب؛ نرفع القرابين المقدسة وننذر النذور (ليوناننا) الجديد الحق؛ كي تهدأ حياتنا الثائرة والمضطربة وحتى يسكن النَوْء العظيم. كفانا نومًا ثقيلاً ورَخاوة، لنصرخ لإلهنا كي يرحمنا ويعيننا ويرفع غضبه عنا ويقود سفينتنا كي لا تنكسر.
فهذه البلايا المحرقة الحادثة هي أيضًا بسبب ضعفنا وريائنا وتواكُلنا وهروبنا من الله حتى كَدْنَا أن نغرق. والآن إنها ساعة لنستيقظ ونصلي بقلوبنا وسلوكنا ونقول (أخطأتُ أخطأتُ يا ربي يسوع اغفر لي؛ لأنه ليس عبد بلا خطية ولا سيد بلا غفران). ولنرجع عن طرقنا الرديئة فننعم بمراحم الله ورأفاته وإنقاذه.
إنه عامل عملاً في أيامنا لا نصدق به إن أُخبر به (حبقوق ١ : ٥). إنه يبقَى أمينًا؛ لن يقدر أن ينكر نفسه (۲ تي ٢ : ١٣). وسيُتَمّم تدبيره ويحقق مقاصده، ولن يَدَعْ عَصَا الأشرار تستقر على أنصبة الصديقين. فقط هو يدعونا أن نعمل؛ وأن نعمل مادام النهار، وأن نُسَكِّن قلوبنا قدامه (۱ يو ٣ : ١٩)، وهو سيعمل عمله وسط الدهور وسيُنهضنا من العَتْمة والتخبط والإفلاس واليأس، وهو الضابط الكل الرب إلهنا.