القديس الأب غيفونت ورفقائه الشهداء :
من ألمع وأبهر وجوه شهداء الكنيسة الأرمنية هو القديس الأب غيفونت ورفقائه الذين استشهدوا في حرب القديس القائد فارطان ماميكونيان ضد الوثنيين الفرس في العام ٤٥١ م .
هذا العيد يُحي ذكرى الأمينين لمعتقداتهم الإنجيلية وللإيمان بالمسيح يسوع. الذين ضحّوا بدمائهم الذكية لأجل الدين والوطن.
دافع القديس الأب غيفونت عن إيمانه الثابت واشترك معه الأكليروس والشعب كلّه. وكان معه القديس القائد فارطان يتقدّم صفوف الشعب دفاعاً عن الأرض والمعتقد والإيمان، القديس الأب غيفونت بصليبه الظافر والشعب بسيوفهم. فكانوا درعاً منيعاً ضد تغلغل الوثنية في البلاد الأرمنية فرووا بدمائهم الذكية تراب الوطن. فأنبتت في العصور المتتالية قديسين وشهداء وأبطال زيّنت اسماءهم التاريخ الكنسي والقومي والدولي، وأعمالهم أصبحت قدوة يقتدي بها كل من أراد العُلى ديناً ودنيا. وبعد ما يقارب ١٥٦٥ سنة، لا يزال كلّ أرمني رافعاً نصب عينيه القديس غيفونت ورفقائه الذين عرفوا أن الدين يقّوي الوطن، والوطن يحافظ على الدين وليس بينهما ما يضعفهما إلاّ الإلحاد والخيانة.
القديس فارطان ورفقائه الشهداء:
القديس فارطان من سلالة ماميكونيان العريقة، التي كانت ذات نفوذ في الساحة السياسية الأرمنية منذ الوثنية في بلاد أرمينية.
والده هامازاسب ماميكونيان، ووالدته ساهاكانوش ابنة القديس ساهاك بارتيف. درس فارطان في مدارس القديس ساهاك – مسروب المشيّدة في فاغارشاباد – اتشميادزين حالياً. شقيقه القديس هماياك اشترك في معركة ” افاراير” واستشهد فيها.
امّا هامازاسب اخوه الأصغر، هو أيضاً اشترك في ذات المعركة ومن بعدها سيق أسيراً إلى بلاد الفرس حيث استشهد هناك.
أسند الملوك الأرشاكونيون قيادة جيش البلاد العامة إلى فارطان الذي كان قائد فرقة فرسان وزراء البلاط .
شهداء معركة ” افارير” هم شهداء الحرب الدينية ضد الوثنية والإلحاد، شهداء الوطن والدين بإيمان راسخ. تحّول هؤلاء في التاريخ رموزاً للحفاظ على الحرية الدينيّة والقومية الأرمنية. كانوا أول الشهداء في التاريخ الأرمني الذين أدركوا أهمية الشهادة حفاظاً على المقدّسات الوطنية والدينية.
منذ القرون الوسطى شُيّدت في أرمينية ومن ثم في المهجر كنائس مُكرّسة لأبطال وشهداء معركة ” فارتانانتس ” .
أقدمها يحمل اسم فارطان وهو ضريح – مزار في ” زوفون ” حيث دُفن الأمير ” داجاد ” مع جنوده التسع عشر والذي كان يُحارب مع القائد فارطان واستشهد معه في المعركة .
– كنيسة القديس فارطان في ” فان ” حيث توجد ” إصبع ” القديس فارطان كذخيرة .
– على هيكل القديس فارطان ماميكونيان في ” كودايك ” وضعت حجرة سوداء اللون كان قد سال عليها دم القديس الشهيد فارطان .
يُقدّر الشعب الأرمني القيم والبطولات المنجزة حفاظاً عليها .
أيوجد أغلى وأثمن من الوطن حيث نترعرع ونعيش إيمان أجدادنا؟
بقي شعبنا مُخلصاً بكيانه لدماء الشهداء السخية التي أُهرقت في سبيل الوطن رالإيمان ، ليعيش سيداً على أرضه وحراً بمعتقداته ومستقلاً في إرادته ومنفتحاً لآفاق العالم الشاسعة ليغني الإنسانية بتراثه العريق .
والحقيقة تقال : إن الشعب الأرمني كان أول الشعوب التي أعطت العالم والكنيسة الشهداء بالآلاف الذين ادركوا أهمية التضحية حفاظاً على المقدسات الوطنية والدينية والثقافية ابتداءً من معركة افاراير عام ٤٥١ ، إلى العام ١٩١٥ حيث المذابح والإبادة الأرمنية على ايدي العثمانيين الأتراك وإلى يومنا هذا في ازربيجان وكاراباخ .
تحمل الشعب الأرمني الموت للإنتصار على الموت . خسرنا المعارك ولكننا ربحنا وطناً مستقلاً .
ونتذكّر دائماً قول المؤرخ يغيشه : ” الموت غير المدرَك هو موت حقاً ، والموت الذي يتقبّله المرء طوعاً هو خلود وحياة ” .
المصدر: وطني نت