الله الخالق يكره أساساً الطلاق لأنّه يعدّه غدر بالعهد كما هو مذكور في نبوات ملاخي آخر أسفار العهد القديم "من أجل أن الرب هو الشاهد بينك وبين امرأة شبابك التي أنت غدرت بها وهي قرينتك وامرأَة عهدك. أفلم يفعل واحدٌ ولهُ بقية الروح. ولماذا الواحد. طالباً زرع الله. فاحذروا لروحكم ولا يغدر أحد بامرأة شبابهِ. لأنه يكره الطلاق قال الرب إله إسرائيل وأن يغطي أحدٌ الظلم بثوبهِ قال رب الجنود. فاحذروا لروحكم لئلاَّ تغدروا". وكانت ممارسة الطلاق في العهد القديم حقّاً طبيعيَّاً للرجل يمارسه بإرادته ساعة يشاء، بإن يصرف امرأته، وعلى أساس هذا بإمكانها أن تتزوّج ثانيةً من تشاء (أحبار 21: 7؛ 14؛ 22: 13؛ عدد 30: 10).  وردت شريعة الطلاق في الفصل الرابع والعشرين من سفر تثنية الاشتراع الذي يقول: "إذا أخذ رجلٌ امرأَةً وتزوَّج بها فان لم تجد نعمةً في عينيهِ لأنهُ وجد فيها عيبَ شيءٍ وكتب لها كتاب طلاقٍ ودفعهُ إلى يدها وأطلقها من بيتهِ ومتى خرجت من بيتهِ ذهبت وصارت لرجلٍ آخر فإن أبغضها الرجل الأخير وكتب لها كتاب طلاقٍ ودفعهُ إلى يدها وأطلقها من بيتهِ أو إذا مات الرجل الأخير الذي اتخذها لهُ زوجةً لا يقدر زوجها الأول الذي طلَّقها أن يعود يأخذها لتصير لهُ زوجةً بعد أن تنجَّست. لأن ذلك رجسٌ لدى الرب. فلا تجلب خطيةً على الأرض التي يعطيك الربُّ إلهك نصيباً". الله في هذا النصّ وضع للطلاق قيداً هو أن يكون كتابة وليس مشافهةً، لكي يعطي للإنسان فرصة للهدوء والتأمل لعلّه يعدل عن تفكيره في الطلاق وحتّى لا تتَهدَّم البيوت ويتشرّد الأولاد، ويطلِّق الإنسان امرأتهِ في ثورة احتداد. بل أمر الله بكتابة كتاب الطلاق، وعادةً ما تستغرق هذه الكتابة فترة من الزمن لعلَّ الإنسان يتجاوب مع إرادة الله وتعامله معهُ ويتخلى عن الطلاق ويعيد السلام للأسرة. 

منحت آية تثنية الاشتراع المذكورة أعلاه، المجال لتفاسير عديدة لدى علماء الشريعة في زمن العهد الجديد؛ فكانت بعض المدارس لها تفاسيرها: المدرسة شمّاي المتشدّدة التي كانت تقبل بالطلاق لسبب الزنى أو في بعض حالات، مثلاً: سوء السيرة)، بالنسبة لمدرسة هلّل المتساهلة  كانت تقبل بالطلاق بأقل سبب. مثلاً: إخفاق المرأة في طهي طبق ما، خروج المرأة من دون حجاب. سأل الفريسيون، على ما ورد في إنجيل القديس متى (19/3-9)، يسوع هل يحلُّ للرجل أن يطلّق امرأتهُ لكل سبب؟ ليجرّبوه، وللإجباره على أخذ موقف إمّا بالتطرّف وإمّا بالتراخي حسب المدارس اليهودية التي كانت موجودة في ذلك الوقت. فأجاب يسوع على الفور، قافزًا فوق مواقف المدرستين وشروحاتهم الطويلة، وعائد إلى قصد الله الأول من الزواج الوارد في سفر التكوين، فأجابهم: أَما قرأتم أن الذي خلق من البَدءِ خلقهما ذكراً وأُنثى وقال. من أجل هذا يترك الرجل أباهُ وأمهُ ويلتصق بامرأَتهِ ويكون الاثنان جسداً واحداً. إذاً ليسا بعد اثنين بل جسدٌ واحدٌ. فالذي جمعهُ الله لا يفرّقهُ إنسان. قالوا لهُ فلماذا أوصى موسى أن يُعطَى كتاب طلاقٍ فتُطَلَّق. قال لهم إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أَذِنَ لكم أن تطلّقوا نساءَكم. ولكن من البَدءِ لم يكن هكذا. وأقول لكم إن مَن طلَّق امرأتهُ إلاَّ بسبب الزنا وتزوَّج بأخرى يزني. والذي يتزوج بمطلَّقةٍ يزني. قال لهُ تلاميذهُ إن كان هكذا أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق أن يتزوَّج. فقال لهم ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذين أُعطي لهم. لأنهُ يوجد خصيان وُلِدُوا هكذا من بطون أمَّهاتهم. ويوجد خِصيان خصاهم الناس. ويوجد خصيان خَصَوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات. من استطاع أن يقبل فليَقبل". إذن، الإتحاد الزواجيّ غير قابل للإنحلال؛ وليس هناك من سبب شرعي للطلاق. الله نفسه هو مؤسّسة الزواج وجعله مرتبطاً بجوهر الخلق. فالسيد المسيح يعارض ما جاء في شريعة موسى في الطلاق. ويقول السيد يسوع المسيح بأسلوب قاطع إنّ عدم انحلال الزواج هو إرادة الله المطلقة. 

كذلك الأمر يخالف القديس بولس الرسول  شريعة موسى بإعطاء الحقّ للرجل بأن يُطلّق امرأته. نقرأ في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس (7: 10-11): "وأمّا المتزوّجون فوصيّتي لهم، وهي من الرّب لا منّي، أن لا تُفارق المرأة زوجها، وإن فارقته، فلتبق بغير زوج أو فلتُصالح زوجها، وعلى الزّوج أن لا يُطلّق امرأته".

وجدت الكنيسة الكاثوليكيّة في نصوص الكتاب المقدّس، أسس الزواج وخصائصه: الوحدة وعدم الانحلال. فيها توضّحت خصائص الزواج  الجوهرية حسب المخطط الموحى به من الله : "إنه هو من يريد عدم انحلال الزواج ويقدّمه ثمرةً وعلامة ومطلباً تفرضه المحبّة البالغة الأمانة التي يحيط بها الله الانسان ويخصّ بها المسيح الرب كنيسته"[1]. إذاً، إنّ عدم انحلال الزواج ليس بإختراع الكنيسة، ولاحتّى شريعة صالحة فقط لمن لديه إيمان في المسيح، لكن حقيقة طبيعية وقيمة رئيسية متضمّنة في الهبة المتبادلة التي يقوم بها الرجل والمرأة . وأكّدت الكنيسة في القرون الخمسة الأولى، سواء في الغرب كما في الشرق، على ميّزة عدم انحلال الوثاق الزوجيّ[2]،  وأنّه يتمتّع بحق (إلهي) طبيعي، على أساس تعليم الربّ يسوع المسيح(متى 19، 3-9؛ 5، 31-32؛ مرقس 10، 11-12؛ لوقا 16، 18؛ رومة 7، 2-3؛ 1قورنتس 7، 10-11، 39)[3]،  والرسل، حتى في حالة الزنى.  جاء أيضاً في أعمال الرسل التالي:"قرّر الرسل في مجمع أورشليم بناءً على اقتراح يعقوب الرسول، وحرصاً على الوئام بين المسيحيين أن يمتنع هؤلاء "عمّا ذبح للأصنام وعن الدم المخنوق وعن الزنى" (أعمال الرسل 15). فالزنى في هذا النصّ ليس ما تنهى عنه الشريعة الطبيعية، بل هو حالة خاصّة بين الأقارب، فكما كان الزواج بين الأقارب محرّماً عند اليهود، فقد أصبح غند المسيحيين وبموافقة الرسل محرّما ويُعدّ أيضاً زنى. فالزنى في عرف الشريعة اليهودية هو محاولة زواج ممن لا يحل الزواج منها. هنا نفهم معنى آية الانجيلي متى كما يلي:"كل من طلّق امراته لا يحل له أن يتزوج من غيرها، ما لم يكن زواجه من امرأته هذه غير قانونيّ، بسبب مانع من الموانع. وزواجه غير القانونيّ هذا هو حالة زنى أو تسرّ. وفي حالة الزواج غير القانونيّ فقط، يحل له أن يطلّق امرأته ويتزوج من غيرها[4].

[1]  راجع البابا يوحنا بولس الثاني في وظائف العائلة المسيحية في عالم اليوم، رقم 20.

[2] Cf. COMMISSION THEOLOGIQUE INTERNATIONALE, Lex spiritus vitae,n. 4 “Problemes doctrinaux du marriage chretien”, Centre Cerfaux-Lefort 1979, 100.

[3] يقول السيد المسيح في إنجيل متى: "أما أنا فأقول لكم أن من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني، و من تزوج مطلقة فأنه يزني" (متى 5: 32).  لم يكتف السيد المسيح بهذا، بل عندما سأله الفريسيّون عن الطلاق أجابهم "أقول لكم إن من طلق امرأته إلا بسسب الزنا و تزوج بأخرى يزني" (متى 19: 9). و أيضاً في لوقا يقول السيد المسيح "كل من يطلق امرأته و يتزوج بأخرى يزني، و كل من يتزوج بمطلقة من رجل يزني" (لوقا 16 : 18). كذلك ورد في إنجيل مرقس، ردا على سؤال الفريسيين للسيد المسيح، حيث أجابهم قائلا لهم: "من طلق امرأته و تزوج بأخرى يزني عليها. و إن طلقت امرأة زوجها و تزوجت بآخر تزني" (مرقس 10 :11-12).

[4]  راجع الياس رحّال، فسخ الزواج لصالح الإيمان ...و الإنسان، بيروت 2001، ص. 268.

ما قصة المنديل الذي غطى وجه يسوع وما علاقته بكفن تورينو؟ (1)

إنّ إحدى الذخائر الموجودة في كاتدرائية أوفييدو في شمالي إسبانيا هي قطعة من القماش قياسها 84*53 سنتمترًا موجودة داخل صندوق مقدس. لا يوجد أي صورة عليها إنما نجد بقعًا نراها في العين المجرّدة مع أنها تبدو أوضح إذا رأيناها من خلال المجهر. إنّ الملفت في هذه القطعة من القماش هو أنّ التقاليد والدراسات العلمية مجتمعة تشير الى أنّها استعملت لتنظيف وجه يسوع بعد الصلب وتغطيته. في هذه المقالة التي سنقسمها بين اليوم وغدًا، سنجيب على السؤالين: ما قصة المنديل الذي غطى وجه يسوع وما علاقته بكفن تورينو؟

أكثر من 30 الف لاجئ عراقي اليوم في لبنان

تدعو مطرانية بيروت الكلدانية الى مؤتمر صحفي يوم غد الجمعة سيتحدث فيه المطران ميشال قصارجي، رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان, وذلك نهار الجمعة 13 شباط في تمام الساعة 11:30 ظهرا في دارة المطرانية الكلدانية في بعبدا برازيليا – شارع بيار الحلو .

الاجتماع الثامن لمجلس الكرادلة التسعة

عقد مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي الأب فدريكو لومباردي يوم أمس الأربعاء مؤتمرا صحافيا حول الاجتماع الثامن لمجلس الكرادلة التسعة وقد عُقد من التاسع وحتى الحادي عشر من شباط فبراير 2015، وأشار خلاله إلى أن قداسة البابا فرنسيس قد شارك في كل اللقاءات باستثناء يوم الأربعاء صباحا وكالمرات السابقة، وذلك بسبب مقابلته العامة مع المؤمنين. وقد تمحور الاجتماع الأول صباح الاثنين حول موضوع إصلاح الكوريا الرومانية، وعصرا كان هناك لقاء مع الكاردينال رافازي رئيس المجلس البابوي للثقافة في إطار موضوع إصلاح الكوريا. أما الثلاثاء فقد تم الاستماع صباحا إلى المونسنيور بول تيغ أمين سر المجلس البابوي لوسائل الاتصالات الاجتماعية ولجنة وسائل الإعلام الفاتيكانية، والذي قدّم تقريرا مؤقتا بشأن الاقتراحات الأساسية المتعلقة بإعادة تنظيم وسائل الإعلام الفاتيكانية، وتم التطرق عصرا لمواضيع متعلقة بأمانة الشؤون الاقتصادية والمجلس الاقتصادي. ويوم الأربعاء تم التطرق لانعقاد الكونسيستوار وعمل أمانة الشؤون الاقتصادية. هذا وسيجتمع مجلس الكرادلة مجددا من الثالث عشر وحتى الخامس عشر من نيسان أبريل القادم.