البابا فرنسيس: كل رئاسة في الكنيسة تأتي من المحبة

ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح يوم السبت كونسيستوارًا عاديًّا عامًّا أعلن فيه عشرين كاردينالاً جديدًا بحضور بندكتس السادس عشر وللمناسبة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها: كل رئاسة في الكنيسة تأتي من المحبة، يجب أن تتحقق في المحبة وتهدف إلى المحبة. وفي هذا الأمر أيضًا تلعب الكنيسة التي في روما دورًا مثاليًّا: فكما ترأس بالمحبّة، هكذا أيضًا كل كنيسة خاصة هي مدعوّة، في حدودها، لترأس بالمحبّة.

Share this Entry

لذلك، تابع البابا فرنسيس يقول، أعتقد بأن “نشيد المحبة” في رسالة القديس بولس الأولى إلى أهل كورنتس يمكنه أن يكون الكلمة التي ترشدنا في هذا الاحتفال وفي خدمتكم، لاسيما للذين من بينكم يدخلون اليوم ليصبحوا جزءًا من مجمع الكرادلة. وأضاف الأب الأقدس يقول: سيفيدنا كثيرًا أن نسمح لكلمات الرسول بولس بأن تقودنا وبشكل خاص عندما يعدّد ميزات المحبّة. سيساعدنا في هذا أيضًا الإصغاء إلى أمنا مريم، هي التي أعطت للعالم ذلك الذي هو “أفضل الطرق” (راجع 1 كور 12، 31): يسوع، المحبة المتجسّدة؛ لتساعدنا لنقبل هذه الكلمة ونسير على الدوام في هذا الطريق. لتساعدنا في موقفها الوالدي المتواضع والحنون لكي تنمو المحبة، عطية الله، حيث يوجد التواضع والحنان.

يخبرنا القديس بولس أولاً أن المحبّة “حليمة” و”مترفّقة”. وبقدر ما تتّسع المسؤوليّة في خدمة الكنيسة، يجب على القلب أن يتّسع ويمتدّ بحسب مقياس قلب المسيح. أن يكون المرء حليمًا يعني أن يعرف كيف يحب بلا حدود، وفي الوقت عينه كيف يكون أمينًا للحالات الخاصة مع تصرفات ملموسة أي أن نحب ما هو كبير وعظيم دون أن نهمل ما هو صغير ووضيع. أن يعرف كيف يحب بتصرفات مترفّقة، فالرفق هو النيّة الثابتة والدائمة في محبة الجميع على الدوام حتى أولئك الذين لا يحبوننا.

تابع الحبر الأعظم يقول لنا الرسول أيضًا أن المحبّة “لا تعرف الحسد ولا العُجب ولا الكبرياء” وهذه هي أعجوبة المحبة، لأننا نحن البشر – جميعًا وفي كلّ مرحلة من حياتنا – عرضة للحسد والعُجب والكبرياء بسبب طبيعتنا المجروحة من الخطيئة. وحتى أصحاب الكرامات الكنسيّة ليسوا منيعين ضد هذه التجربة ولذلك أيها الإخوة الأعزاء يمكن أن تبرز أكثر فينا قوّة المحبة الإلهية التي تحوّل القلب وعندها لا تحيون أنتم بعد ذلك بل المسيح يحيا فيكم. ويسوع هو الحب!

وبالتالي فالمحبة “لا تفعل السوء ولا تسعى إلى منفعتها”. هاتان الميزتان تُظهران أن الذي يعيش في المحبة لا يهتمّ بذاته أما الذي يهتم بذاته فهو سيسبّب السوء بلا شك وينقّص من احترام الآخر، وغالبًا دون أن يتنبّه لذلك، لأن الاحترام هو القدرة على الاعتراف بالآخر وبكرامته واحتياجاته. والذي يهتمّ بذاته يسعى بلا شك إلى منفعته الخاصة ويبدو له الأمر طبيعيًّا لا بل واجبًا. وهذه المنفعة يمكنها أن تأخذ أشكالاً نبيلة لكنها تبقى في العمق “منفعة شخصيّة”. أما المحبة فهي تبعدك عن الاهتمام بذاتك وتضعك في المحور الحقيقي الذي هو المسيح وحده. عندها يصبح المرء متنبّهًا تجاه الآخرين وخيرهم.

تابع البابا فرنسيس يقول إن المحبة، يقول القديس بولس “لا تخنق ولا تُبالي ما ينالها من السوء”. والراعي الذي يعيش في تواصل مع الناس لا يفتقر لمناسبات تسبب له الغضب. وربما أيضًا قد نغضب في العلاقات فيما بيننا كإخوة. وفي هذا الأمر أيضًا وحدها المحبة ستحرّرنا. تحرّرنا من خطر التصرّف بشكل مندفع، وبأن نقول  أشياء خاطئة أو نتصرف بأسلوب خاطئ؛ والمحبة تحررنا بشكل خاص من السخط “المدفون” في داخلنا والذي يحملنا على التفكير المستمر بالسوء الذي نناله، وهذا الأمر ليس مقبولاً في رجل الكنيسة.

المحبة – يضيف بولس الرسول – “لا تفرح بالظلم، بل تفرح بالحق”. وبالتالي فعلى الذي دُعي في الكنيسة إلى خدمة السلطة أن يتحلى بروح العدالة فيرفض بالتالي جميع أشكال الظلم حتى تلك التي قد يمكنها أن تكون لصالحه أو لصالح الكنيسة. وعليه في الوقت عينه “أن يفرح بالحق”: ما أجمل هذه العبارة. فرجل الله هو شخص تسحره الحقيقة ويجدها في كلمة يسوع المسيح وجسده، فهو مصدر فرحنا الذي لا ينضب. ليجد شعب الله على الدوام فينا إدانة الظلم وخدمة الحقيقة الفرحة.

تابع البابا فرنسيس يقول وختامًا المحبة “تعذر كلّ شيء وتصدق كلّ شيء وترجو كلّ شيء وتصبر على كلّ شيء”. في هذه الكلمات الأربعة نجد برنامج الحياة الروحية والراعوية. إن محبة المسيح التي أفاضها الروح القدس في قلوبنا تسمح لنا بالعيش بهذه الطريقة وبأن نكون أشخاصًا قادرين على المسامحة على الدوام ومنح الثقة دائمًا لأننا ممتلئين من الله؛ قادرون على نشر الرجاء دائمًا لأننا ممتلئين من الرجاء بالله؛ وأشخاص يعرفون كيف يحتملون بصبر كل الظروف والإخوة والأخوات بالاتحاد مع يسوع الذي احتمل بمحبة ثقل خطايانا كلّها.

وختم الأب الأقدس كلمته بالقول أيها الإخوة الأعزاء هذا كلّه لا يأتي منا وإنما من الله. الله محبة ويحقق كل هذا إن كنا مطيعين لعمل الروح القدس. وبالتالي هكذا ينبغي علينا أن نكون متجذّرين ومطيعين. فبقدر ما نتجذّر في الكنيسة التي في روما نصبح مطيعين للروح القدس لتتمكن المحبة من إعطاء شكل ومعنى لكل ما نحن عليه وكل ما نقوم به.  

Share this Entry

Francesco NULL

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير