ما هي الأسباب التي تدفعنا إلى الصيام؟ هل هي الرغبة في خسارة الوزن أو الرغبة في تبيان روحانيّتنا أكثر من الآخرين في الكنيسة؟ والسؤال الأهمّ الذي يُطرح هو أين يسوع المسيح من هذه الأفكار السطحيّة؟ بل علامَ أو على من يجب أن يرتكز صيامنا؟ هل نصوم لنستمدّ قوّة خلال تجربة ما؟ أو هل نصوم لنكرّم الرب ونقترب منه أكثر؟ للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها في هذا السياق، نشر موقع whatchristianswanttoknow.com مقالة لدايفيد بيتش عدّد فيها سبعة أسباب لوجوب الصيام، نستعرضها فيما نرتكز على كتابنا المقدّس مرجعنا الوحيد.
إن فتحنا بشارة متى الفصل 6، نرى أنّ الآية 16 تبدأ بـ”إذا صُمتم”، ممّا يعني أنّ الرب لا يأمرنا بذلك، بل هو يتوقّع منّا أن نصوم. وقد أقرن جملته بشرح مفاده أنّ الصيام يجب أن يكون شخصيّاً وخاصّاً، إذ علينا التركيز على علاقتنا بالرب وحده، وعدم إظهار ذلك للناس. أمّا في بشارة متى الفصل 9، فنرى أنّ يسوع يشرح للفرّيسيين أنه يتوقّع من تلاميذه أيضاً أن يصوموا عندما “يُرفع العريس من بينهم”.
من ناحية أخرى، نقرأ في أعمال الرسل 14:23 “وكانا يُعيّنان لهم قُسوساً في كلّ كنيسة، ثمّ يصلّيان ويصومان ويستودعانهم الرب الذي آمنوا به”. نرى هنا أنّ بولس كان يصوم للتوصّل إلى بعض القرارات التي اتّخذها خلال إنشائه الكنائس، وكان يطلب الإرشاد لمعرفة كيفية التصرّف، فيكون الإرشاد السبب الثاني لصيامنا.
أمّا السبب الثالث فيتمحور حول التقوى في الصلاة، إذ صام داود وصلّى لأجل حياة ولده في كتاب صموئيل الثاني، وكان راضياً بعد صلاته وصومه على الرغم من عدم استجابة الرب لطلبه. فانتقل من مرحلة لوم الربّ إلى مرحلة وضع كامل ثقته به لأجل النتيجة. وكذلك صلّى عزرا وصام لأجل حماية الرب لرِجاله خلال عودتهم إلى أورشليم لأنّ “قدرة إلهنا مع جميع الذين يتبعونه” (عزرا 8:22).
من ناحيته، سمع نحميا عن خراب أورشليم فما كان منه إلّا أن صلّى وبكى وصام لأجل مدينته، معترفاً بخطايا شعبه أمام الرب الذي كان يعاقب بني إسرائيل (نحميا 1:4). وبهذا، كان سبب صيامه نتيجة طبيعيّة لحزن بل “حِداد” سبّبته الخطيئة، وعجزت الصلاة لوحدها عن التعبير عنه.
خامساً، ودائماً بحسب موقع whatchristianswanttoknow.com قال داود الملك في المزمور 35: 13 “أنهكتُ بالصوم نفسي، فكانت صلاتي ترجعُ إلى حضني”، في إشارة إلى اتّضاعه أمام الرب، لأنّه عرف كيف يضعُ نفسه بحضور الرب، وذلك في الصلاة عبر الصيام.
إلّا أنّ “الصيام بدون التصرّف المناسب لا يدخل قلب الرب”! فمع التواضع بحضور إلهنا، يمكن للصيام أن يكون سبيلاً للعبادة. قال داود في المزمور 51 إنّ الرب يهتمّ للقلب المنكسر المُنسحق أكثر من تقديم الذبائح. هذا لا يعني أنه ليس علينا أن نصوم، بل يعني أنّ الصيام بدون “الانسحاق” المرافق له لا يلمس قلب الربّ.
أخيراً وليس آخراً، هناك مبدأ القوّة الروحيّة الذي تظهر في الصيام في حياة المسيح. وبحسب ما كتبه الإنجيليّون، صام يسوع لأربعين يوماً فيما إبليس جرّبه، في لوقا 4:2. وفي مرقس 9:29، نرى أنّ التلاميذ كانوا بحاجة إلى قوّة من الرب لا يستمدّونها إلّا بالصوم. أمّا في متى 17:20، فيمكن للصلاة والصوم المقرونَين بالإيمان أن يجترحا المعجزات.
في عالمنا المادي حيث يرغب كثر في ما لدى جيرانهم، لنرجع إلى كتابنا المقدّس الذي يذكر “النهم” عدوّ الصيام، ولنرجع حتى إلى وصايا الرب العشر التي تكلّم فيها عن الاكتفاء بما لدينا. فابتعادنا عن إشباع رغباتنا عبر الصيام هو الطريق المؤدّي إلى إعادة تسوية تركيزنا على الرب.