نشرت وكالة زينيت العالميّة مقالة لسالفاتوري سيرنوزيو تناول فيها لقاء قداسة البابا فرنسيس بإكليروس روما لمدّة ساعتين، في قاعة بولس السادس، وهو لقاء أراده الأب الأقدس بعيداً عن الكاميرات بهدف فتح المجال أمام حرّية الكلام. أمّا ما وردنا من مقتطفات حول المناقشات فقد تمّ بفضل العديد من الكهنة الذين خاطبوا الصحافيين بعد اللقاء، وبفضل آخرين تمكّنوا من تسجيل مقاطع من حديث البابا، ومن بثّ دقائق من كلمة البابا في مكاتب الصحافة التابعة للكرسي الرسولي.
استُهلّ اللقاء بكلمة ترحيب من النائب البابوي العام الكاردينال أغوستينو فاليني، ألقى بعدها الحبر الأعظم كلمة مقتضبة حول أصول العظة الدينية وفنّ الاحتفال بالذبيحة الإلهيّة، تمّ توزيع نصّها على المشتركين. في كلمته، شدّد الحبر الأعظم على “تحدّي” إلقاء العظة خلال القدّاس. فالعظة تُلقى بهدف مساعدة المؤمنين على الدخول في سرّ الإيمان، داعياً الكهنة إلى عدم الوقوع في فخّ التنمّق والحركات المبالغة، ولا في فخّ إشعار الناس بالضجر وحملهم على الخروج من الكنيسة لتدخين سيجارة! إن كان من يُلقي العظة صارماً، فهذا لا ينفع. وإن كان يُقدّم استعراضاً خلال إلقائها، فلن يدخل سامعوه في السرّ. ثمّ أضاف البابا أنّه فهم هذا المبدأ بنفسه عندما لفت انتباهه الكاردينال يواكيم مايسنر والكاردينال جوزف راتزينغر سنة 2005 إلى أنه لم يقل خلال إحدى عظاته أنّ “الإحساس بوجود الرب” هو ما نحن بحاجة إليه أكثر من أيّ شيء آخر.
في سياق متّصل، ودائماً بحسب مقالة وكالة زينيت، عالج الأب الأقدس موضوع “الطقس التقليدي” الذي سمح به البابا بندكتس السادس عشر للاحتفال بالقدّاس، بناء على كتب ليتورجيّة تعود إلى الستّينات، مع المحافظة على الطقس الاعتيادي في الكنيسة الكاثوليكيّة، والذي وضعه بولس السادس سنة 1970. وشرح قداسته أنّ خلَفه أراد من هذه اللفتة تشجيع التقليديين. من ناحية أخرى، أشار البابا إلى أنّ هناك كهنة وأساقفة يتكلّمون، وبحُسن نيّة، عن إصلاح للإصلاح، إلّا أنّ هذا خطأ. ثمّ ذكر قضيّة بعض الأساقفة الذين قبلوا طلّاباً “تقليديين” كانوا قد طُردوا من أبرشيّات أخرى، لأنّهم “قدّموا أنفسهم بطريقة خاشعة”. لكن اتّضح لاحقاً وبعد سيامتهم أنّهم يعانون من مشاكل أخلاقيّة ونفسانيّة.
بعد هذا، قال الأب الأقدس لمئات رجال الدين: “أنا مهتمّ أكثر بأسئلتكم”، وسمح بحوار مفتوح مع كهنته، لأنّه لم يقصد “المحاضرة” بهذا اللقاء، فكان حوار حول “الكهنة المتزوّجين”. ومن بين الأسئلة المطروحة، برزت مداخلة الأب جوفاني سيريتي – وهو لاهوتيّ في العديد من الجامعات الحبريّة، كما أنه مؤلّف كتاب “الطلاق والزواج ثانية والكفّارة في الكنيسة البدائيّة” – الذي سأل إن كان سيُسمح مستقبلاً للكهنة المتزوّجين بالاحتفال بالذبيحة الإلهيّة بعد الحصول على الإعفاء. فردّ البابا “إنّ حلّ هذه المشكلة ليس سهلاً، ولستُ متأكّداً من أنه موجود حتى”، لكنّه قال إنّه سيعمل على المسألة، مشيراً إلى أنّه يتمّ النظر في طلب كاهن على فراش الموت أن يحتفل بالقدّاس سرّاً.