تابع الأب الأقدس يقول: أعرف الأحداث التاريخية التي طبعت أرضكم والتي لا تزال حتى اليوم حاضرة في الذاكرة الجماعيّة. إنها مسائل ذات أساس سياسيّ ولو جزئيّ، ولستم مدعوون للإجابة عليها بشكل مباشر. من الأهمية بمكان في هذه الظروف أن نصغي بانتباه للأصوات التي تأتينا من المناطق المعنيّة حيث يعيش الأشخاص الموكلون إلى عنايتكم الراعوية. بالإصغاء إلى شعبكم أنتم تهتمون بالقيم التي تُميّزه: اللقاء، التعاون والقدرة على حلّ الخلافات. بمعنى آخر: البحث الممكن عن السلام. هذا الإرث الأخلاقي أنتم تخصّبونه بالمحبة، الحبّ الإلهي الذي ينبع من قلب المسيح. وأضاف يقول: على المستوى الوطني أنتم مواطنون في بلدكم، وبالتالي يحق لكم أن تعبّروا، وبشكل مشترك أيضًا، عن رأيكم إزاء مصيره من خلال الإشارة وإعادة التأكيد على القيم التي تشكل العنصر الموحّد للمجتمع الأوكراني. إن الكرسي الرسولي يقف بجانبكم، لدى المؤسسات الدولية أيضًا، ليحمل حقوقكم واهتماماتكم والقيم الإنجيلية الصحيحة التي تحرككم.
أضاف الحبر الأعظم يقول إن الأزمة المندلعة في بلادكم قد سبّبت تبعات خطيرة في حياة العائلات، فلا تتعبوا أبدًا من تذكير مواطنيكم بالاعتبارات التي يوحيها إليكم الإيمان والمسؤولية الراعوية. إن روح العدالة والحقيقة هو أخلاقي قبل أن يكون سياسي، وبالتالي فهذه المسؤولية موكلة أيضًا إلى عنايتكم الراعوية. أشجعكم لتجدّدوا، بنعمة الله، حماسكم لإعلان الإنجيل في المجتمع الأوكراني وليعضد بعضكم بعضًا بواسطة تعاون واقعي. ليكن نظركم دائمًا على المسيح الذي كان يرى وفرة الحصاد ويطلب رفع الصلاة إلى الرب لكي يرسل فعلة إلى حصاده (راجع متى ٩، ٣٧- ٣٨).
أود أيضًا أن أسلّمكم تأملاً آخر حول العلاقات فيما بينكم كإخوة في الأسقفية. أعرف الأحداث التاريخيّة المعقّدة التي تُثقّل على العلاقات المتبادلة كما أعرف أيضًا بعض الجوانب ذات الطابع الشخصيّ. إن الوحدة في الأسقفية، بالإضافة إلى تأدية شهادة صالحة لشعب الله، تقدم خدمة لا تُقدر للبلاد على الصعيد الثقافي والاجتماعي ولاسيما وبشكل خاص على الصعيد الروحي. أنتم متحدون في القيم الأساسية وتتشاركون الكنوز القيمة ألا وهي الإيمان وشعب الله. كروم ملكيين أو كلاتين أنتم أبناء الكنيسة الكاثوليكية التي كانت في أرضكم ولفترة طويلة عرضةً للاستشهاد. ليكن دم شهودكم، الذين يتشفعون لكم في السماء، دافعًا إضافيًّا يحملكم نحو شركة القلوب الحقيقية. وحّدوا قواكم وليعضد واحدكم الآخر جاعلين من الأحداث التاريخيّة دافعًا للمقاسمة والوحدة.
وختم البابا فرنسيس كلمته لأساقفة أوكرانيا في زيارتهم التقليدية للأعتاب الرسولية بالقول: أنا على يقين بأن قراراتكم، بالاتفاق مع خليفة بطرس، ستعرف كيف تأخذ على عاتقها انتظارات شعبكم بأسره. أدعوكم جميعًا لترأسوا الجماعات الموكلة إليكم مؤكدين قدر المستطاع حضوركم وقربكم من الكهنة والمؤمنين. أحثكم على التنبّه والاهتمام بالفقراء: إنهم غناكم! أنتم رعاة لقطيع أوكله المسيح إليكم؛ تنبّهوا لهذا الأمر على الدوام، حتى في مؤسساتكم لأنها على الدوام أدوات شركة ونبوءة. وأضاف يقول لتعضدكم في عملكم ذكرى وشفاعة العديد من الشهداء والقديسين الذين أقامتهم فيما بينكم نعمة الرب يسوع. ولتُثبّتكم حماية الطوباوية العذراء الوالدية في مسيرتكم نحو لقاء المسيح الآتي وتعزز سعيكم إلى الشركة والتعاون.