الكنيسة الكاثوليكيّة لا تعترف بأحكام الطلاق القضائي الصادرة عن المحاكم الأرثوذكسية أو من السلطات المدنيّة، لأنّها لا تريد تشريع حكم الطلاق، المقرّر في الكنائس الشرقيّة غير الكاثوليكيّة، والاعتراف بصحة الزواج المعقود بين مطلّقين أو بين زوجين أحدهما مطلّق. فالحركة المسكونية الحقيقية بين الكنائس الكاثوليكيّة والشرقيّة الأرثوذكسية لا يمكن قبولها إذا تم قبول بركة الزواج المختلط للمطلقين أو الاعتراف بصحة الزواج المبرم بين طرف كاثوليكيّ وطرف معمّد غير كاثوليكيّ مُطلّق في الكنيسة الأرثوذكسية[1]. “الأمر لايتعلّق بقبول حقّ مشابه للطلاق لصالح الزوج الذي قد تُرك من الطرف غير الكاثوليكيّ، فينبغي التحقّق مما إذا كان الرّضى الزواجيّ، في حالات معيّنة وخاصّة، لم يكن مشوباً بعيب. بالمقابل هناك مستلزمات مطلوبة من الشرع الكنسي الكاثوليكيّ، لأنّ يكون مشوباً بمنشأه، بالرغم من معرفة مستلزمات الزواج الكاثوليكيّ، ومن طبيعيّة إمكانية حلّ الوثاق في حالة يتحقّق فيها بمقتضيات مسبقة مذكورة من الشرع الأرثوذكسي”[2]. إنَّ مسألة قبول أو رفض حكم غير كاثوليكيّ لصالح بطلان الزواج وإعلان مطلق الحال لا تشكّل دعوى قضائية بل مجرد إعلان.
نحن هنا، أمام مسألة مفتوحة أمام المختصّين بخصوص صلاحية المحاكم الكاثوليكيّة لبتّ قيمة موضوع الحكم الأرثوذكسيّ وعلاقته بموضوع الدعوى التي تقام لدى محكمة كاثوليكيّة. البعض يرى ضرورة التوقّف على الفعل الإداريّ الذي يقوم به الرئيس الكنسيّ المحلّي لإقرار مطلق حال الزوجين، والسماح لهما أو لأحدهما أن يعقد زواجاً جديداً أمام الكنيسة الكاثوليكيّة. في حين بعضهم يطالب بعمل قضائيّ.
الكاردينال Vincenzo Fagiolo، رئيس الاستشارة الحبريّة لتفسير النصوص التشريعيّة فيما يخص المسألة المتعلّقة بطلب زوج ما، حصل على فسخ أو بطلان زواج أو طلاق من محكمة إرثوذكسية، ويريد عقد زواج جديد بحسب قوانين الكنيسة الكاثوليكيّة، يجيب برسالة 3 تشرين الثاني 1992 أرسلت إلى مجمع الكنائس الشرقيّة لتُقدَّم فيما بعد إلى بطريرك كنيسة الروم الكاثوليك مكسيمس الخامس حكيم الراحل: ما طُلب من سينودوس الكنيسة الملكية، فهو يقتضي بكلّ وضوح كلا المجموعتين القانونيّتين. لا يمكن أن يكون الاختلاف في النظام التشريعي موجوداً: أحدهما للزوج لاتيني الذي يتزوج بطرف أرثوذكسيّ وآخر للشرقيّ الذي يفعل الشيء نفسه. بخصوص المسألة الثانية، ما قيمة أحكام انحلال الزواجات التي نطقت بها السلطات الكنيسة الأرثوذكسية أو البروتستناتية، للإعلان عن مطلق الحال في الدواوين الكاثوليكيّة؟ الجواب واضح: إنّها من دون قيمة بشكل مطلق. ليس بخارج عن الموضوع التعبير عن الإعجاب بسينودوس كاثوليكيّ لأنه استطاع أن يضع مثل هذه المسألة. الجواب واضح لأن مثل هذه الانحلالات هي طلاقات حقيقية مرفوضة من تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة. في بعض الأوقات، لها علاقة مع أحكام بطلان الزواج، تمّ النطق بها وكأنها إعلان بطلان. وحول المسألة إذا كان على الكنيسة الكاثوليكيّة أن تعترف أم لا بحكم بطلان نطقت به المحكمة الأرثوذكسية، فالجواب لا يمكن أن يكون إلا سلبياً، ليس لأنّ الأمر يتعلّق بالسلطة القضائية التي ليست خاضعة بأيّ حال من الأحوال لمراقبة إدارة شؤون العدالة من طرف السلطة العليا للكنيسة الكاثوليكيّة، ولأنّ التشريع المتعلّق بمحاكمات، الاختصاص، الاستئناف، المحامي عن الوثاق إلخ هو مختلف وحسب، لكن، قبل كل شيء، لأنه يتصرّف بمفهوم بطلان ولاانفصام مختلف… على كل حال، هذه المادة تعود لاختصاص محكمة توقيع الرسولية التي هي أيضاً في الشرق (دستور الراعي الصالح رقم 121)[3].
اللجنة الحبرية لتفسير النصوص التشريعية، بتاريخ 13 آيار 2003، أكّدت أنَّ حكم بطلان الزواج الصادر من السلطة الأرثوذكسية يمكن الاعتراف به من قبل الكنيسة الكاثوليكيّة إذا كانت القضية تخصّ الصيغة القانونيّة المقرّرة، مع الحفاظ على الشرع الإلهيّ دائماً. النصّ هو التالي: “قد يتقدّم أمام السلطة الكاثوليكيّة، مسيحيّ غير كاثوليكيّ شرقيّ ومع وثيقة إعلان بطلان زواج الصادرة من كنيسته الأرثوذكسية. هذا حكم البطلان لا يمكن الاعتراف به من الكنيسة الكاثوليكيّة، كون المسائل اللاهوتيّة والقانونيّة الخاصّة بصحة الزواج السرّيّ للأرثوذكس الشرقيّين لم تتوضّح. فقط لسبب عدم وجود الصيغة المقرّرة من الشرع الكنيسة يمكن الاعتراف بحكم الصادر من السلطة الأرثوذكسية المختصّة، مع الحفاظ على الشرع الإلهي دائماً”[4].
إنَّ المحكمة التوقيع الرسوليّ العليا أصدرت جواباً حول هذا الموضوع بتصريح عدد 37577/05 تاريخ 20 تشرين الأوّل 2006، هذا التصريح هو جوابٌ مطروح في كنيسة رومانيا لدى محاكمها الكاثوليكيّة بشأن شهادات مطلق الحال الصادرة عن الكنيسة الأرثوذكسية في رومانيا لصالح مؤمنين معمّدين أرثوذكس، سبق لهم ارتبطوا بالزواج حسب قوانين الكنيسة الأرثوذكسية. فيجيب التصريح: أولاً، أنّ الزواج المنعقد أمام الكنيسة الأرثوذكسية وفقاً لقوانينها هو صحيح. ثانياً، للإقدام على الاحتفال بزواج جديد في الكنيسة الكاثوليكيّة لا تكفي شهادات مطلق الحال الصادرة عن الكنيسة الأرثوذكسية في رومانيا. ثالثاً، الفريق الأرثوذكسيّ، الحامل مستند مطلق الحال والعازم على الارتباط بزواج جديد أمام الكنيسة الكاثوليكيّة، لا يُعتبر مطلق الحال ما لم يتمّ إعلان بطلان زواجه الأوّل بوساطة المحكمة الكنسيّة الك
اثوليكيّة بموجب حكم نافذ، أو ما لم يحلّ الحبر الأعظم هذا الزواج بداعي عدم الاكتمال إذا توفّرت الشروط لذلك”[5].
ثمّة قرار آخر من محكمة التوقيع الرسوليّ بتاريخ 3 كانون الثاني 2007 الخاصّ بقبول مطلق الحال لمؤمنين أرثوذكسين، احتفلوا بزواج من دون الرتبة المقدّسة المقرّرة من الكنيسة الأرثوذكسية، ويريدون الزواج بطرف كاثوليكيّ: “هذه الحالات تحصل على الحلّ من الرئيس الكنسي المحلّي أو من كاهن الرعيّة بإذن من الرئيس المحلّي، بدون أيّ إجراء قضائيّ، بل تحقيق يخصّ ما قبل الزواج، كما وإن كانت هذه الحالة تخصّ الكاثوليك”[6]. تسمح المحكمة التوقيع الرسولي من خلال هذا القرار أن فعلاً قضائيّاً يُفترض أنه صحيح فقط إذا وضع بشكل ملائم حسب عناصره الخارجية (ق.لاتيني 124 -البند 2؛ ق.ش 931 -البند 2)، لذا يطبّق مضمون القانون الشرقيّ 781.
في كلّ حال، وافق بطاركة الشرق الكاثوليك وممثّلو الكنائس البطريركية للروم الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس والأشوريين والكنيسة الإنجيليّة، بهذا الشأن أثناء الاجتماع المسكوني الذي عُقد في بكركي بتاريخ 26 تشرين الثاني 2008على الاتّفاق الرعويّ الذي قدّمته بالتفصيل اللجنة المشتركة المكلّفة متابعة قضايا إبدال المذهب أو الطائفة للحصول على الطلاق، وكيفيّة تعاطي الكنيسة الكاثوليكيّة مع أحكام المحاكم الأرثوذكسيّة والإنجيليّة التي تعلن انحلال الرباط الزوجيّ: “أ)-يعطي مطران الأبرشية الكاثوليكيّ إذناً بالزواج بقرار إداري في حال كان الحكم الأرثوذكسي أو الإنجيلي متوافقاً مع أسباب بطلان الزواج لدى الكنيسة الكاثوليكيّة. ذلك أن من الناحية القانونيّة لا تتمتّع المحاكم الكاثوليكيّة بالسلطة القضائيّة على الزيجات المنعقدة لدى الكنائس الأرثوذكسيّة والإنجيليّة، وأن الروح المكسونية تقتضي احترام صلاحية محاكم هذه الكنائس. ب)-بالمقابل تلتزم المحاكم الأرثوذكسيّة والإنجيليّة بإصدار الأحكام المعلنة انحلال الزواج وفقاً للأصول القانونيّة، أي بتعليل واف مستند على أقوال الأزواج وشهودهم، مع الاحتفاظ بمضمون الفقرة (أ). وفي حال عدم التعليل، يصعب اعتماد الأحكام بقرار إداري. ج)-في حال عدم توافق الحكم الأرثوذكسي والإنجيلي مع القانون الكاثوليكيّ، يحصل اتصال بين مطران الأبرشيّة الكاثوليكيّ والرئيس الكنسي الأرثوذكسي أو الانجيلي مصدر الحكم، لبحث الموضوع وللسعي لإيجاد مخرج أخوي. وإذا تعثّر ذلك يعرض هذا الحكم على اللجنة المشتركة لتحديد حجم المشكلة، فيُصار على أساسها بناء الحلول الملائمة”.
يعدّ الإتفاق الرعويّ ها بشكل باطنيّ محاولة جميع الكنائس الشرقيّة تجاوز الخلافات والصعوبات بشكل مرض والتي قد تكون أحياناً جوهرية. لكنّ أيّ إتفاق مسكونيّ بين الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة والكنائس الشرقيّة الأرثوذكسية والجماعت المسيحية، يعود بالنفع الروحي على الجميع، لكن يجب أن يقوم المبادىء العقائدية التي نصّ عليها المجمع الفاتيكاني الثاني[7]، لكي نتحاشى، تماديات يمكن أن تقود إلى الفوضى، أو تؤدي إلى اللامبالاة في العقيدة. إنّ عدم التّقيد بإرشادات الكنيسة في هذا الشّأن، يُعيق تقدّم السَّعي الصحيح إلى الوحدة الكاملة بين المسيحيّين[8]. وإنّه لمن صلاحيات سينودسات الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة، السَّعي إلى تطبيق المبادئ العقائدية والتشريعية المتضمنة في مجمع الفاتيكاني الثاني وفي مجموعة قوانينها تطبيقاً وافياً، والسَّهر بعنايةٍ راعويةٍ، على تجنّب كل الانحرافات الممكنة. وأما الحقّ القانونيّ لدى الكنيسة اللاتينية والكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة، فهو يؤكّد (ق.لاتيني 841؛ ق. ش 669) أنَّ سرّ الزواج كبقية أسرار البيعة هو “جزء من الوديعة الإلهية، فإنه من إختصاص السلطة الكنسيّة العليا وحدها أن توافق على شروط صحتها أو أن تحدّدها؛ كما يعود إلى ذات السلطة أو لأية سلطة مختصة أخرى، بموجب أحكام القانون 838 البندين 3 و 4، أن تُحدِّد ما يتعلّق بجواز الاحتفال بها ومنحها وقبولها، بالإضافة إلى النظام الواجب إتباعه خلال الاحتفال بها”. لذلك، يعود أولاً إلى السلطة الكنسيّة العليا وحدها الحقّ بأن تعلن أي تعديل قد يطرأ على أي قانون كنسي؛ وأن ترعى أي إتفاق مسكوني يُصدر من الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة مع بقية الكنائس الشرقيّة، وفقاً لمختلف الحاجات والمناسبات، آخذين بعين الاعتبار التّدابير الصادرة من السلطة العليا في الكنيسة[9]. في الحقيقة، تستطيع الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة أن تعقد الحوار المسكوني مع الكنائس الشرقيّة والجماعات الكنسيّة، على الصعيد البطاركة، ما يتيح لها أن تحلّ معضلات مختلفة فيما بينها، وأن تتوصّل إلى إتفاق حولها. وهذا الإتفاق يمتلك قيمة ذاتية، نابعة من جدارة أصحابها ونظامها، بيد أنها لا تُلزم الكنيسة الكاثوليكيّة، ما دامت السلطات الكنسيّة المختصّة لم توافق عليها[10].
[1] Cf. PRADER, J., La legislazione matrimoniale, latina e orientale,55.
[2] Cf. GIANESIN, B., Matrimoni misti, Bologna 1991, 191.
5. “Quanto richiesto dal Sinodo Melkita implica evidentemente entrambi i Codici. Non ci puòessere una differente normativa: una per un latino che si sposa con un ortodosso ed un’altra per un orientale che fa la stessa cosa”. Al secondo quesito, le sentenze di scioglimento dei matrimoni pronunciate dalle Autorità ortodosse o protestanti quale valore hanno per la dichiarazione di stato libero nelle cancellerie cattoliche? La risposta è ovvia: assolutamente nessun valore. Non sarebbe fuori luogo esprimere meraviglia che un Sinodo Cattolico abbia potuto porre un tale quesito. La risposta è ovvia perché tali scioglimenti s
ono veri divorzi rifiutati dalla dottrina cattolica. Qualche volta, invero, si ha a che fare con sentenze di nullità di matrimonio pronunciate come “declarationes nullitatis”. Al quesito se la Chiesa Cattolica deve o non deve riconoscere la sentenza di nullità pronunziata dal tribunale ortodosso (cfr. PCCICOR prot. 37/ 82/ 13, alleg. P. 2), la risposta non puòessere che negativa, non solo perché si tratta di autorità giudiziaria che non sottostà in alcuna maniera alla supervisione dell’amministrazione della giustizia da parte della suprema autorità della Chiesa Cattolica e perché la normativa relativa alla procedura, competenza, appello, difensore del vincolo ecc. è diversa ma, soprattutto, perché si agisce con concezioni di nullità e indissolubilità differenti …Ad ogni modo, tale materia è di competenza della Segnatura Apostolica, la quale anche in Oriente “consulit ut iustitia in Ecclesia recte administretur” (Pastor Bonus, 121) Risp. del Card. FAGIOLO V.,, Pontificium Concilium de Legum Textibus Interpretandis, 3 novembre 1992, Prot. N. 3528/ 92.
[4] “Potrebbe presentarsi all’autorità cattolica un cristiano acattolico orientale con il documento di dichiarazione di nullità di matrimonio della sua Chiesa ortodossa. Questa sentenza di nullità non può essere riconosciuta senz’altro dalla Chiesa cattolica, non essendo chiarite le diverse questioni teologiche e giuridiche riguardanti la validità del matrimonio sacramentale degli acattolici orientali. Solo in mancanza della forma prescritta dal diritto della propria Chiesa può essere riconosciuta la sentenza dell’autorità competente ortodossa, salvo sempre il diritto divino”.
[5] راجع المجلس الحبري للعائلة، معجم، بالتعابير الملتبسة والمتنازع عليها حول الأسرة والحياة والقضايا الأخلاقية، ص.633.
[6] “Che — se non vi sono altri dubbi — questi casi vanno risolti dall’Ordinario del luogo o dal parroco col permesso dell’Ordinario, senza alcun processo giudiziario, bensì con la semplice investigazione prematrimoniale, in modo analogo a ciò che capita per i cattolici”. cf. SEGNATURA APOSTOLICA, Decreto del 3 gennaio 2007, P.N. 38964/06 VT.
[7] راجع المجلس الحبريّ لتعزيز الوحدة بين المسيحيين “دليل لتطبيق مبادئ الحركة المسكونية وقواعدها“. حاضرة الفاتيكان 1993، رقم 7.
[8] راجع المرجع السابق، رقم 6.
[9] راجع المرجع السابق، رقم 39.
[10] راجع المرجع السابق، رقم 178.