في أوّل إطلالة لقداسة البابا فرنسيس ولحظة حيّى المؤمنين قائلاً "مساء الخير"، عرف الجميع أنّه بابا "مختلف" صاحب أسلوب غير متوقّع. وهذا الاختلاف عن سلَفَيه القديس يوحنا بولس الثاني والبابا بندكتس السادس عشر عميق أكثر ممّا يبدو ظاهريّاً. ففيما أصرّ السلَفَين على الحقيقة التي وُجب أن تُحفَظ، أصرّ الحبر الأعظم على منح الناس وقتاً. وفي ظلّ تناقض الآراء بين مؤيّد له ومعارض، وبين مرتبك حيال آرائه ومحتار، نشر موقع timesofmalta.com مقالة للأب ألفريد ميكاليف حاول أن يفسّر فيها رؤية البابا فرنسيس.
على الرغم من تشديده على الحاجة إلى الرحمة، وتعاطفه مع البشر، لم ينكر الأب الأقدس يوماً تعاليم الكنيسة. فبابا الفقراء يُدرك تمام الإدراك ضعفنا، وهذا الأخير لا يُروّعه. بما أنّه واحد منّا، إنه يعرف "جَبلتنا" ويعلم مدى الصبر الذي نحتاج إليه لننمو قليلاً فقط. ومن هذا الإدراك تحديداً، ينبع تبشيره بالصبر والرحمة والتشجيع، لذا يقول وببساطة إنّ القربان ليس جائزة للكاملين بل هو دواء للضعفاء! وللتأكيد على ذلك، كرّر مؤخراً في الفليبين تعاليم البابا بولس السادس حول أساليب منع الحمل، إلّا أنّه وقبل إنهائه جملته، فرض على المعرّفين التحلّي بالرحمة "لأنّ الأمر بغاية الصعوبة".
من ناحيته، يرى الأب ألفريد ميكاليف صاحب المقالة أنّ أساس الأمر يتجذّر في رؤيته للكنيسة التي لا يعتبرها حقيقة ثابتة بل "ملائمة". وبهذا، يعود إلى المجمع الفاتيكاني الثاني الذي يعتبر أنّ الكنيسة هي "شعب الرب في رحلة حجّ"، أي أننا لم نصل بعد، بل ما زلنا نمشي نحو المكان الذي نقصده أو نحو الكمال. هنا، يظهر التوكيد على عدم وصولنا بعد، وعلى تهاون الربّ حيال قيودنا المؤدّية إلى قصورنا. إلّا أنّ ربّنا لا يريدنا أن نبقى حيث نحن، بل يودّ أن نتابع التعاون مع رحمته ليعطينا المزيد.