١- هذا بطرس صاحب “الأنا المدعية”
“فأنا لن أعثر،،، لست بناكرك وإن وجب عليّ أن أموت معك” (مر ١٤: ٢٨و ٣١)؛ “يا رب إني لعازم أن أمضي معك إلى السجن وإلى الموت…”(لو ٢٣: ٣٣). نعم، لقد ادعى بطرس القوة في تحمل مشقى حمل الصليب، ولكنه فاته انه بدون نعمة الله يغرق الإنسان في الفشل، لا بل يخسر شرف اتباع المعلم. لقد ضمن ذاته بأنه لن يعثر، إنه واثق بنفسه أشد وثوق، ولكن هل هذه هي الثقة الحقة؟ طبعا لا، فمع يسوع ،علينا ألا نثق بقوانا الخاصة أو بقدراتنا الشخصية أو بحنكتنا، لاننا حتما سنعثر ونسقط في خطيئة النكران، وذلك على غرار بطرس. فمع الرب علينا ان نقتني منطق “الخسران الخصيب”، ان نخسر لنربح، واول ما نخسره، هي النفس في سبيل الربح الأعظم، أي، يسوع المسيح، إنها معادلة الإتباع، معادلة الربح الأكيد.
٢- وهذا بطرس فاقد الذاكرة
“لا أدري ولا أفهم ما تقولين،،، فأنكر ثانيا… فأخذ يلعن ويحلف: إني لا أعرف هذا الرجل الذي تعنونه”(مر١٤: ٦٦- ٧١). يقول المثل الشائع: “عند الإمتحان يكرم المرء أو يهان”. لقد سقط الصخر في هوة المحنة، وسقطت معه اناه وتبجحه وعنجيته، وانكشفت خباياه، أنه إنسان عاش في وهم الإتباع، فكان يتبع ذاته وأفكاره ومبوله بدل اتباع يسوع، يريد الرب على مقياس أحلامه وقواه. تراه ذليلا، ألعوبة سهلة في متناول الناس، ويل إن حكى وويلات إن تكلّم ودافع عن يسوع المتألم والمسجون ظلما. فكان النكران الطريق الأسهل، إنه الربح المضمون والأكيد، لأنه لا يريد أن يخسر حياته، بل أن يربحها في الخيانة مبتعدا عن الألم قدر المستطاع. لقد فقد بطرس ذاكرة يسوع، صار تائها، نسي كلام معلمه، وفي لغة الحاسوب ” Delete و format” للذاكرة، استبدلها بذاكرة النكران والخياتة.
٣- ما يحزن يسوع
– كم يصعب على الرب أن نكون في موقف يشبه موقف بطرس، مكتوفي الأيدي أمام وجع الأبرياء والمظلومين والمتهمين زورا والذين نكلوا بكراماتهم عن سابق تصور وتصميم؟
– كم يصعب على الرب ان يقف صاحب الشأن والقرار مشلول الإرادة أصم الضمير أمام وجع للناس، ملتهيا في جمع الأموال الغير المشروعة.
– كم يصعب على الرب أن يصمت خادمه أمام واجب إعلان الحقيقة ويتلهى في بازارات الضلال؟
– كم يصعب على الرب عندما يساوم خادمه على الحقيقة ويتنازل عن رسالته النبوية ويستسلم لمغريات العالم والسلطة والمال؟
– كم يصعب على الرب عندما ينظر الى خادمه يسعى إلى إرضاء العالم على حساب ضميره وقيم دعوته ورسالته؟
كم يصعب على الرب عندما يخاف خادمه من تحدي الصعاب ومواجهة الأخطار بروح المسيح وبشهادة القديسين والشهداء الأبطال؟
٤- عندما يتحول الصمت لعنة
نعم، يتحوّل الصمت الى شيطان أخرس، عندما يرفض الإنسان شهادة الحق والإعتراف بمقتضياة الرسالة وضمير الكنيسة. لقد خرس لسان بطرس وجعله في حالة تيهان وضياع، فلم ينطق بما سمعه من معلمه طيلة ثلاث سنوات. فلا تكن انت نظيره، بل واجه بقدرة يسوع وبحزم تواضعه المقدس، كل ما يتنافى مع الحقيقة، فالحق يريد رجالا اتقياء يسيرون به نحو النصر، كن انت على مثال بطرس التائب وبولس الغيور.
أرادك معلمك الإلهي، ان تكون رجل الله وخادمه ورسوله، لأن شعبك يبحث عن قلوب رجال أبطال إيمان وعزم وتضحية، ينتظرون من يهدونه سبيل الحق والعدالة والمحبة، فكن أنت مشروع “رجل الله” لا أنصاف الرجال الجبناء الذين يتلطون خلف سلطات من دود وتراب.
٥- المثابرة المقدسة
فلا تخاف من وجوههم، لان يد الرب عليك، اختارك وجعلك له خادما، فلن يخذلك ابدا، لأن إلهنا صالح ومحب وأمين وصادق، والى الأبد محبته. فما دمت تسير خلف معلمك، لا تنظر قط الى الوراء ولا تلتفت الى المكاسب لانك ستتيه في حسابات العالم الخاسرة، بل ثابر تقدم جاهد واظب اسهر تشجع، كن رجل الله بحسب قلب الرب لا بحسب قلب يوضاس الخائن، لان من يتبع يسوع ينسى أغلى ما يملكه في الحياة، يسنى ذاته، ليربحها في المسيح المعلّق فداء من على الصليب.
فيا يسوع نريد أن نتبعك في السراء والضراء، نريد ان نحيا ما انت تريده لا كما يريد العالم، يا يسوع سامحنا واغفر لنا جهالاتنا. آمين.