وقال المركز في بيان وزع اليوم “مع البابا فرنسيس، وعلى وقع الترانيم الأرمنية والسريانية التي ارتفعت في كنيسة القديس بطرس في الفاتيكان ترحماً على أرواح الشهداء، قبل أسبوعين، نقول: “يبدو أنّ الإنسانية غير قادرة على وقف سفك دماء الأبرياء. بل يبدو أنّ الحماس الذي سطع في نهاية الحرب العالمية الثانية بدأ يختفي ويذوب. ويبدو أنّ الأسرة البشرية ترفض التعلم من أخطائها الناتجة عن شريعة الإرهاب؛ فحتى اليوم هناك من يحاول محو الآخر، بمساعدة البعض وبالصمت المتواطئ للآخرين الذين يقومون بدور المتفرجين. إننا لم نتعلم بعد أنّ “الحرب هي حماقة، هي مجزرة عديمة الفائدة”.
وقدم المركز الكاثوليكي العزاء إلى الشعب والكنيسة الأرمنية مؤكداً أن “الأخطر ليس معالجة جراح الماضي الغائرة في خاصرة العالم فقط، وإنما كذلك وقف الجراح النازفة اليوم، حيث ما زال القتل والدمار سيدي الموقف، وما زال الله تعالى يستخدم لتبرير العنف، وما زالت مكوَنات دينية واثنية وعنصرية تضطهد وتقتل وتُهجر، وقد دخل العالم في نفق مظلم يسمى في بعض الأوساط بالحرب العالمية الثالثة”.
وشدد البيان، الموقّع من المدير العام الأب رفعـت بدر، على استضافة الاردن للأخوة الأرمن المهجرين، في بداية القرن العشرين، حيث حمل أحد الأحياء في عمّان اسمهم، مشيرا إلى وثيقة الحسين بن علي عام 1917 التي دعت العالم العربي والإسلامي إلى الإعتناء بالأرمن وتقديم الحماية لهم. وقال البيان: أن “عالم اليوم يعيش نوعاً من الإبادة الجماعية الناجمة عن اللامبالاة العامة والجماعية”، لافتاً إلى أن الجرائم المتكررة التي يقابلها العالم بصمت مدوي، وآخرها مقتل 28 إثيوبياً مسيحياً في ليبيا، تمثل صرخة إنسانية في وجه الظلم والطغيان”.
واستذكر البيان كلمات قداسة البابا فرنسيس في أن “إخفاء أو إنكار الشر هو مثل ترك الجُرح النازف بدون مداواة”، فعدم عدم الإعتراف بالإبادة الأرمنية يعني أن إبادات جديدة ستحصل. كما حثّ جمع السلطات السياسية لكي يعملوا على تعزيز العدل والأمن من خلال البدء في مسيرة حقيقية للمصالحة والسلام، وإلى تضافر الجهود من قبل أتباع الديانات من أجل القضاء على الفكر التطرفي والإلغائي للآخر الديني.
وأضاف إن “صوت ضحايا النزاعات في عالم اليوم يجب أن يدفعنا بشكل لا لبس فيه إلى حوار عميق حول التاريخ، مبني على الحقيقة والصراحة، فمهما حمل التاريخ في ماضيه من آلام ومآسٍ واخطاء، إلا أنه يجب أن يشكل حافزاً إلى التعلّم من هذه الكبوات، لتكون جسراً لتجاوز جراحات الماضي”.
وأكد إن “عالم اليوم في أمسّ الحاجة إلى تعزيز ثقافة المصالحة والتلاقي، وليس لتبادل الاتهامات والجدالات، فمستقبل البشرية يعني أن هناك حاجة لجذور الماضي العميقة، وهذه الجذور -التي تتغذى من الحقيقة والضمير- تشكل القوة الحيوية لمجتمعات حرة، إنسانية ومتضامنة، فبدون البحث عن هذه الحقيقة يصبح كل مجتمع مقياساً لنفسه ولتصرفه، مما يقود لتعزيز عولمة اللامبالاة في العالم النابعة من الأنانية”.
وفي ختام البيان دعا المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، التابع للبطريركية اللاتينية، جميع الكنائس والرعايا المنتشرة في المملكة إلى قرع الأجراس مئة مرة في الساعة 19:15 بحسب توقيت أرمينيا (18:15 بتوقيت عمّان)، حيث يرمز هذا التوقيت إلى سنة الإبادة 1915.