يوم الأحد 19 نيسان، وعند العاشرة صباحاً أي وقت القدّاس، تجمهر حوالى 50 مسلماً أمام الكنيسة البروتستانتية في تامان ميدان، وهو حيّ شعبي من بيتالينغ جايا أي العاصمة السياسية لماليزيا، غير البعيدة عن كوالا لامبور، مُطالبين بنزع الصليب الأحمر الذي يزيّن واجهة الكنيسة التي دُشّنت في شهر آب الماضي! تقع دار العبادة المُستهدفة في الطبقة الأولى لمركز محلات تجارية، وهي تتألّف من بعض الغرف المُحوّلة إلى قاعة مُكرّسة للعبادة، ولا يمكن تمييزها من الشارع لولا الصليب الذي يعلوها.
وبحسب ما أورده موقع eglasiemepasie.org فقد رأى المسلمون في الصليب مخزاة للمجتمع الإسلامي، وتحدّياً للديانة الإسلامية قد يؤثّر على إيمان الشبّان المسلمين. فما كان من القسّ إلّا اختيار نزع الصليب عن كنيسته، خشية تفاقم الأمور وبلوغها حدّ العنف.
أمّا ردود الفعل فقد توالت، إذ رأى العديدون في هذه القضيّة تصاعداً للتطرّف والتعصّب. وفي 21 نيسان، أصدرت مجموعة من المسؤولين الماليزيين بياناً، وصفت فيه تصرّف مسلمي تامان ميدان “بالحقد الأعمى والتعصّب”. ودعا موقّعو البيان السلطات لمعاقبة المتظاهرين ووضع حدّ لتصميم الأصوليين وحزمهم. تجدر الإشارة إلى أنّ هذه المجموعة تُدعى “G25” وتتألّف من 25 مسؤولاً سابقاً، مسلمين بغالبيّتهم، كانوا قد وقّعوا رسالة مفتوحة ترفض انزلاق ماليزيا إلى التطرّف الديني والعنف.
من ناحيته، دان “مجلس كنائس ماليزيا” هذه الحادثة، معتبراً إياها مناورة سياسيّة. وبحسب أمينه العام هيرمن شاستري، فهو لم يتفاجأ لنشوب قضيّة مماثلة في ولاية تحت أمرة ائتلاف المعارضة. أمّا جاهير سينغ رئيس “المجلس الاستشاري الماليزي للبوذية والمسيحية والهندوسية وديانة السيخ والطاويّة” فقد اعترض على الصفة غير الشرعيّة لطلب المتظاهرين المسلمين، مذكّراً بأنّ قانون العقوبات يجازي على الإساءة إلى “مشاعر المؤمنين الدينية” مهما كانت ديانتهم، وشارحاً أنه ليس على أحد الحصول على إذن من السلطات لتسجيل مكان عبادة. وفيما يختصّ بالسلطات، فقد ذكّرت بأنّ دور العبادة الواقعة في أحياء تجاريّة مُلزمة بالتصريح بوجودها إلّا أنها لا تحتاج إلى إذن للعمل. في السياق نفسه، شجّعت “لجنة الشؤون غير الإسلامية في سيلانغور” القسّ على إعادة رفع الصليب على دار عبادته.
وبوجه ردود الفعل هذه التي نضيف إليها تصريحات من قبل شخصيّات في الحُكم، قرّرت الحكومة الفدراليّة التصرّف بدورها، ودائماً بحسب موقع eglasiemepasie.org. ففي 23 نيسان، وصف وزير الداخليّة أحمد زهيد حميدي التظاهرة بالتمرّد، بناء على قانون العصيان الذي يجعل من كلّ إهانة مبنيّة على الانتماء الديني جنحة، فيما أعلن رئيس الوزراء نجيب رزاق أنّه أصدر تعليمات بوجوب تحقيق الشرطة في هذه المسألة.