في الحادي والعشرين من حزيران الماضي، أصبح علي والداً للمرّة الأولى، والداً في لحظة باكرة وغير متوقّعة. دخلت نور إلى المستشفى بصورة طارئة بعد أن شعرت بآلام مفاجئة، لقد كانت حاملاً بتوأم في شهرها السادس، وكان لا بدّ من توليدها حرصاً على حياتها وحياة التوأم.
مات محمد وبقي عماد يقاوم
هكذا ولد عماد الدين (580 غراماً) وشقيقه محمد (430 غراماً) في الأسبوع السادس والعشرين، وُلِدا باكراً قبل أن يكتمل نموّهما ووظائف أجهزة الجسم، وخصوصاً الجهاز التنفسي والقلب، ما سبّب انقطاع التنفس عنهما وإعاقة حصولهما على الأوكسيجين في شكل صحيح. وضعا في الحاضنة الاصطناعيّة لإيصال الأوكسيجين والغذاء الضروري لإكمال نموهما.
بعد عشرين يوماً من المعاناة والانتظار والسهر والنوم أمام غرفة الحاضنة الاصطناعيّة، فجع علي وزوجته نور بالخبر السيئ، توفّي محمد، استسلم جسمه الصغير ولم يعد قادراً على التشبّث بالحياة. يروي علي لـ”النهار”: “كنا طوال تلك الفترة متعلّقين بأمل ضئيل في إمكان تحسّن عماد ومحمد، فحيناً يقول لنا الأطباء أن علينا الانتظار ليزيد وزنهما، وحيناً آخر يقولون لنا إن الأمل ضعيف جداً، فلنصلّي لهما. توفّي محمد بعدما عجز عن المقاومة، وبقي عماد معلّقاً بأنابيب الأوكسيجين لإيصاله إلى رئتيه غير المكتملتين، وبأنبوب موصول إلى شريان القلب الأساسي لتغذيته”.
مار شربل يتشفّع لعماد
عماد الذي ولد باكراً، ولد مثقوب القلب، غير قادر على التنفس، ويعاني فتقاً في بطنه، بقي يقاوم، وظلّ متمسّكاً بالحياة، يتابع علي: “بعد مرور شهرين في الحاضنة الاصطناعيّة، كان الأمل بتحسّن عماد يتراجع ولم يعد الجهاز الطبي قادراً على شيء، اتصلت بي والدتي وأخبرتني بأنها شاهدت تقريراً على التلفزيون عن أعجوبات مار شربل، وبأنه يشفي الناس، وطلبت مني أن أجلب زيتاً من الدير وأدهن جسم الصبي. سألت أحد أصدقائي المسيحيين عن كيفيّة الوصول إلى الدير وجلب الزيت، فقال لي (حظك حلو، أنا مبارح كنت بعنايا وجبت زيت معي) أخذت الزيت وذهبت إلى المستشفى، دخلت إلى الحاضنة ودهنت جسم ابني به، حتى أنني تشاجرت مع الطبيب الذي حاول منعي عن القيام بذلك، لأن عماد لا يملك مناعة وكان من الممكن أن يلتقط ميكروبات من الزيت غير المعقّم، فقلت له (الصبي رايح ورايح، ما بقى إلي غير مار شربل)”.
في اليوم التالي، تلقى علي اتصالاً من المستشفى ليأتي ويأخذ ابنه، لم يصدق بداية، ذهب كالمجنون ليرى ماذا حلّ بعماد “عندما اتصلت الطبيبة المعالجة، وقالت لي حرفياً (يلا يا بابا تعا خود ابنك ع البيت ما بقا بدو أوكسيجين) لم أصدق، ظننت أنهم يريدون إخراجنا من المستشفى، ذهبت ودخلت لرؤيته، كانت الأنابيب منزوعة عنه، يتنفس من دون أوكسيجين، كشفت عليه، حتى “الفتاق” الموجود في بطنه اختفى، ومنذ ذلك الحين يعيش من دون الحاجة لأوكسيجين”.
سني أؤمن بمار شربل
عاش علي ونور خوفاً دائماً ومرارة قاهرة، فحيناً يعطيهما الطبيب أملاً وحيناً آخر يقطعه عنهما. صبّرهما الله ولم يكن أمامهما سوى الصلاة، عاشا في الحاضنة وناما في المستشفى ليالٍ كثيرة، ويتابع علي: “لولا أعجوبة مار شربل، كان من المحتمل أن يعيش عماد طوال حياته على الأوكسيجين أو أن يكون مصيره مشابهاً لمصير شقيقه التوأم محمد، طلب مني الأطباء تجهيز البيت بأوكسيجين لأنه سيكون بحاجة دائمة له، صحيح أنني مسلم سنيّ، ولكن مار شربل أقرب إلى الله من كلّ الناس، وهو يسمع له ويستجيب لشفاعته، في ديننا هناك شخصيّات لها قيمتها لدى الله، ولكنه لم يمنحها قدرة الشفاء مثل مار شربل الذي نسميه ولياً. أنا لا أفقه في الدين كثيراً ولكنني رأيت ماذا حصل معي، لقد كنت مؤمناً منذ البداية أنه سيشفي عماد”.
بعد خروج عماد من المستشفى، نذر علي أن يأخذه إلى مار شربل، ووفى بنذره، “ذهبنا إلى دير مار شربل في عنّايا، وصليت وشكرت مار شربل على نعمته، وسجّلنا الأعجوبة في سجلات الدير، وما زلت حتى اليوم أصلي لهذا القديس وأزور ضريحه وكنيسته، الحمد الله على نعمه، اليوم يعيش عماد حياته بصورة طبيعيّة من دون أوكسيجين ومن دون أي دواء، صحته جيّدة ووزنه 7 كيلوغرامات و800 غرام. ونموّه العقلي والجسدي ممتاز”.
لقد حقّق مار شربل منذ 20 تموز الماضي 92 أعجوبة، 11 منها مع غير مسيحيين، 5 منهم سنّة، و3 شيعة و3 آخرين دروز، بحسب ما يؤكّد القيّم على الدير ومسجّل عجائب القديس الأب لويس مطر. فمن دير عنايا حيث أضاء شربل السراج بالماء لا بالزيت، وصل نوره إلى المعمورة وطالت نعمه كلّ من آمن به وتشفّع له.