Holy Trinity

WIKIMEDIA COMMONS

ثالوث المحبّة

وقفة أمام سر الله

Share this Entry

عقيدة الإله الواحد – الثالوث هي العقيدة المميّزة في الإيمان  المسيحيّ . قمّة العهد الجديد هي : ” الله محبّة ” . بهذا يلخّص كاتب رسالة القدّيس يوحنا الآولى في نهاية القرن الأوّل المسيحيّ الإعتقاد الذي توصّل إليه تلاميذ يسوع بعد أن عاشوا معه . والمحبّة في مختلف أشكالها تفترض جماعة وعلاقات بين أعضاء الجماعة . فهم من جهة متساوون (كأعضاء في فريق واحد) ، ومن جهة ثانية متميّزون كأفراد (ليكوّنوا معًا جماعة) ، وبهذه الطريقة يتحقّق دومًا ثالوث .

أفضل ما يمكن أن يقرّب الموضوع إلى الأذهان هو مثل العلاقة البشريّة . فثمّة :

1 – المحبّ ،

2- المحبوب ،

3 -العلاقة القائمة بينهما ، أي المحبّة .

فإذا كان الله محبّة ، مهما تكن الطريقة ” الإلهيّة ” الفريدة التي يتميّز بها ، فيجب أن يجمعَ في ذاته بين الوحدة والثالوث ، مهما يكن من تباين مع العلاقات القائمة بين الخلائق . وفي هذه الحالة يمكن التعبير بصورة أدقّ عن العلاقة بين الأقانيم على النحو التالي :

– الآب هو المحبّ منذ الأزل

– الابن هو المحبوب منذ الأزل من قِبَل الآب ، وهو الذي يحبّ الآب منذ الأزل

– الروح القدس يتبيّن على أنه المحبّة الإلهيّة القائمة بين الآب والإبن .

ومن ثمّ ، فالدلائل الكتابيّة ليست على الإطلاق أرقاما سحريّة غامضة ، بل هي بالحريّ توضيحٌ لصورة لله تلائم الفكر الإنسانيّ ، ولا سيّما اختباره الأساسيّ ( أي المحبّة) .

لكنّ هذا ليس القول القاطع ، إذ يمكن أن تقوم على خلفيّة تحجيم لله يجعله على صورة البشر ، ويُفسح في المجال أمام البشر لاستغلال محبّة الله . ما يناقض فكرة الله الفلسفيّة والكتابيّة معا . ففي كلا الطريقين نصادف أوّلا عظمة الله وسموه اللامتناهي ، وعجزنا عن إدراكه وتحديده – كما نصادف أيضا غضبه : فهو أيضا ، بحسب شهادة الكتاب المقدّس ، الإله المحجوب وراء سحابة مظلمة . إنّ كرازة يسوع الناصريّ بشأن ملكوت الله تُثبت ، بصورة كاملة ، شهادة يوحنا عن الله أنه محبّة . بيد أنّ هذه الكرازة لا تقوم فقط ، بل لا تقوم بصورة أساسيّة ، في أقواله شفويّة ، بل في مجمل حياة يسوع نفسه . ويوحنا ” التلميذ الذي كان يسوع يحبه ” هو الذي وصف حدث يسوع بكلّ أبعاده عندما كتبَ : ” أجل ، لقد أحبّ الله العالم حتى إنه بذل ابنه ، وحيده ، لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبديّة ” .

الله هو واحد في ثالوث : ليس عزلة أزليّة ، بل هو محبّة أبديّة تضع وجودًا معــــًا لثلاثة أشخاص وهي أساس كلّ كيان وحياة . إنّ الوحدة ، التي تُنشىء المحبّة – الوحدة الثالوثيّة – هي وحدة أسمى من وحدة آخر الحجارة الماديّة غير القابلة للتجزئة في البناء . الوحدة الأسمى (كما يقول جوزيف راتسنجر) ، ليست شيئا متحجّرا . إنها محبّة . 

Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير