أصدرت مطرانية اللاتين أو النيابة البطريركية اللاتينية العامة في الأردن كتاباً وثائقياً وفنيا جديداً، يحمل عنوان: “الأردن، تاريخ وإيمان وجمال”، وقام على تأليفه المطران مارون لحّام، مطران اللاتين في الأردن، ولويجي لورنساتو، الإيطالي المتخصص في مجال التعاون الدولي، وأنطونيو تومازلّو، المصوّر الإيطالي المحترف في الفاتيكان.
ويتضمن على مدار أكثر من ثلاثمائة صفحة وصفاً تاريخياً للأردن والآثار الدينية، وبالأخص المسيحية فيه. وكذلك يتحدث عن الإسهام الحضاري الذي تقوم به الكنيسة اللاتينية (بطريركية اللاتين) منذ اعادة تأسيسها في القرن التاسع عشر، من خلال كنائسها ومدارسها والرهبانيات العاملة في الأردن بإخلاصٍ وتفانٍ وكذلك يتحدث عن المؤسسات التابعة للبطريركية، ويقدم استذكارا لزيارة البابا فرنسيس العام الماضي، مسلطا الضوء على العلاقات التاريخية الطيبة التي تجمع بين المملكة وحاضرة الفاتيكان.
وتم إهداء هذا الكتاب إلى “مسيحيي المملكة الأردنية الهاشمية والبطريركية اللاتينية وبلاد الشرق الأوسط، كي يتحلّوا بالقوة والشجاعة اللازمتين للثبات في إيمان الرسل المستمر منذ يوم العنصرة”.
قدّم للكتاب البطريرك فؤاد الطوال، بطريرك القدس للاتين، بقوله: “من يزور الأماكن السياحة والأثرية في الأردن يرى عدداً كبيراً من الكتب والمؤلفات التي تتكلم عن تاريخ الأردن القدين، بما فيها المواقع الدينية المسيحية، لكن مكتبتنا الأردنية بنوع عام، والأردنية المسيحية بنوع خاص، تفتقر إلى كتاب يتكلم عن الماضي المسيحي للأردن ويربطه بالحاضر”.
وتابع البطريرك أن هذا “كتاب يجمع بين كنيسة الحجر (الماضي) وكنيسة البشر (الحاضر). كنيسة الحجر هي الآثار المسيحية التي يزخر بها الأردن والتي تروي مختلف مراحل تاريخ الخلاص، وتشهد على الحضور المسيحي الكثيف في هذه البلاد حتى القرن السابع الميلادي، حضور بدا بالانحسار تدريجيا، ابتداء من القرن الثامن، ليدخل فيما بعد في عالم النسيان، ويعيش كجماعة صغيرة، لكنه بقي أمينا ثابتا في إيمانه، بالرغم من ظلم البشر والقدر، وفي منتصف القرن التاسع عشر، دبّت الحياة من جديد، في كنائس فلسطين والأردن، فأعيدت البطريركيات وتأسست الأسقفيات المختلفة وبنيت الكنائس والمدارس والمستشفيات، وعرفت البلاد نهضة دينية وروحية وثقافية شملت ربوع فلسطين والأردن وما زالت. هذا ما ندعوه كنيسة البشر، أو “الحجارة الحيةّ”، مؤكداً “أن كنيسة البشر في الأردن حقيقة حية ونشيطة”.
ويؤكد الكتاب الجديد الصادر باللغة العربية وستلحقه ترجمات باللغات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية، أن الأردن أرض مباركة لأن الله تعالى اختاره ليظهر نفسه للبشر للمرة الأولى في الزمان وفي تاريخ بني البشر. فقد مرّ بالأردن شعب العهد القديم في طريقه إلى فلسطين. ويقول التقليد أنّ المجوس توقفوا في مدينة البتراء قبل أن يحملوا هدايا الذهب واللبان والمرّ إلى طفل مغارة بيت لحم. وفي نهر الأردن تعمّد يسوع على يد يوحنا المعمدان، ومنه دعا أول تلاميذه”.
مؤلفو الكتاب لهم خبرة واسعة في مجال النشر والتأليف، فالمطران مارون اللحام، حائز على شهادة الدكتوراة من جامعة اللاتران البابوية في روما، وخدم في أبرشية القدس وتونس، قبل تعيينه مطراناً مساعداً في الأردن عام 2011، ومن أول اهتماماته الحوار مع المواطنين المسلمين، حيث يقول في الكتاب: “نحن نغتني بكل جزء من الحقيقة، التي وضعها الله تعالى في كل انسان، وفي كل زمان وفي كل مكان. وتقوم شهادتنا في عالم اليوم على التأكيد أن الإيمان الصحيح بالله تعالى، لا يمكنه إلا أن يقرب المؤمنين بعضهم من بعض، في مشاعر الاحترام والتعاون المشترك”.
أما لويجي لورنساتو، فألف الكثير من المواد التعليمية بخصوص التعاون والعولمة، وكتب العديد من المقالات، وحقق أكثر من مشروع تنموي وثقافي حول حقوق الإنسان والتعاون الدولي والتنمية. فيما يعمل أنطونيو تومازيلو مصوراً محترفاً منذ 30 عاما، الأمر الذي جعله مصوّراً رسمياً في الفاتيكان، وتتميز صوره بالتقنية والجمال والوضوح.