شبيبة حلب لن تستسلم وستتبع يسوع حتى النهاية

” اتبعني  Follow Me

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

إنطلاقاً من مبدأ حبّ الحياة وعدم الرضوخ للواقع الأليم، ورغبةً في المُضي قدما نحو حياة أفضل وأكثر كرامة، كان لقاء الشبيبة المسيحية للمرحلة الثانوية في حلب. فالذكرى المئوية الثانية لولادة قديس الشباب ” يوحنا بوسكو” لا يجب أن تمر مرور الكرام بالنسبة لهذه الفئة العمرية، ولا يجب أن تسرق أوضاع البلد المضطربة فرحة قلب هؤلاء الشبّان. لذلك قرّر الآباء السالزيان في حلب وبالاتحاد مع كل العائلة السالزيانية وبالتعاون مع جميع الأخويات والكشافات والمنظمات الكنيسة بإقامة هذا اللقاء في مركز جورج ومتيلد سالم – الآباء السالزيان، وقد كان عنوان اللقاء ” اتبعني  Follow Me “.

بدأت التحضيرات قبل أكثر من 3 أشهر حيث ازدادت وتيرتها في الشهر الأخير قبل اللقاء. وقد شاركت في هذه الاستعدادات أغلب المنظمات الكنسية وأظهرَت حقيقةً حسّ المسؤولية وجمال العمل معاً لمجد الله وخلاص النفوس. 

منذ الصباح الباكر، صباح يوم الجمعة 29 أيار، بدأت الشبيبة تتوافد إلى مكان اللقاء حيث كان في استقبالهم شبيبة من بعض الاخويات والكشافات ليقولوا لهم ” أهلاً وسهلاً ” ويعطوهم حقيبة ورقية تحتوي على بعض الامور من أجل اللقاء ( صليب خشبي صغير، فولار اللقاء، علم ورقي للتنشيط، كتاب دون بوسكو بعنوان ” أكتب لكم أيّها الشبّان”، CD فلم دون بوسكو الجديد مترجم بالعربية، قلم وقلب من كرتون، إسوارة مكتوب عليها ” اعطني النفوس وخذ الباقي و ذكرى اليوبيل المئوي الثاني”). بعد ذلك ضيافة البسكويت وقنينة الماء وقبعة دون بوسكو الكرتونية. أما في الملعب فقد كان المنشطين السالزيان في استقبال الجميع من خلال الرقصات التنشيطية والفرح السالزياني.

في تمام الساعة 9,45 دخل الجميع إلى الكنيسة حيث كان يسوع في استقبالهم من خلال تلك اللوحة الكبيرة في صدر الكنيسة. يظهر يسوع مُحاطاً بالبوالين من كل الألوان ( رمز الفرح والحياة) وهو يمدّ يده الى الجميع ليقول لكل واحد منهم: تعال … اتبعني. كان الديكور من فكرة الاب طوني فريج وتنفيذ الفنان نعمت بدوي مع أخيه الفنان بشير بدوي وبمساعدة الكثير من الشباب.

بعد صلاة البداية التي كانت من تحضير الشماسان داني وجميلوبعد استقبال مجسّم القديس دون بوسكو، رحّب الأب جورج فتال رئيس دير الاباء السالزيان في حلب بالجميع وذكّرهم بأن الفرح الحقيقي لا يأتي من امور الارض بل من العلاقة الصحيحة مع الله، وركّزعلى كلمات قديس الشباب حيث يقول: أرغب في أن أراكم سعداء على هذه الأرض وهناك في السماء”، ثمّ تمنّى للشبيبة يوماً مفيداً وناجحاً بحضور مريم ام المعونة وشفاعتها.

ولكي تكون الانطلاقة قويّةٌ وحماسية، شجّع الأب سيمون زكريان المشاركين في اللقاء ليكونوا شعلة نار وكتلة من الحماس، فبدأ بالتعريف عن اللقاء ولماذا نحن موجودين هنا وما هو البرنامج بشكل عام. بعدها مباشرة أخذ الجميع يتعلّم ترتيلة اللقاء: ” أنت مدعو من البداية تعيش الحب” مع بعض الشباب من كورال القديسة تيريز بقيادة الاستاذ شادي نجار. كان تفاعل الشبيبة مدهشاً ورائعاً!!!

ولكي نصل إلى استفادة أكبر في موضوع الدعوة ” اتبعني” استمع الجميع إلى كلمات الأب طوني فريج حيث قدّم لنا موضوعاً عن معنى الدعوة وكيف أنّ الله يدعونا قبل كل شيء إلى الحياة، وفقط من خلال قبول الحياة نستطيع بعدها رويداً رويداً أن نميّز دعوتنا الحقيقية. وقد كان طرح الموضوع بشكل تفاعلي ( حوار ) وعرض مشهد رمزي لحياة شاب (كريم)، للمساعدة في إيصال فكرة الدعوة. ” كان كريم (هذه الشخصية الرمزية)  يملك كل شيء ( مال، موبايل، سيارة، اصدقاء، سلطة، …الخ) وكان يظهر كأنّه سعيد!! وفجأةً يفقد كل شيء والجميع يبتعد عنه لأنّهم أصلاً لم يكونوا أصدقاء حقيقيين بل رفاق مصلحة !!! وهنا تم طرح الأسئلة الأساسية: لماذا لم تستمر (ولو ظاهرياً) سعادة الشاب كريم؟ أين هو مركز الفرح؟ هل امور الدنيا تدوم؟ إذاً ما العمل؟ كيف أحصل على سعادة دائمة؟ هل أتبع وأتعلّق بأمور الأرض أم أتبع شخص يسوع من خلال عيش كلمته؟  ماذا أختار …؟ وفي الختام أظهر الأب طوني بأنَّ الرب حين يدعونا، فإنّه لا يدعونا للحزن والكآبة، بالعكس تماماً إنّه يدعونا للفرح، فإتّباع يسوع يولّد الفرح في قلب الانسان مهما كانت ظروف الحياة صعبة!

بعد فترة الحوار هذه عبّر الجميع عن فرحهم بحضور الرب وذلك من خلال بعض التراتيل والتنشيط، ثم قامت مجموعة من شبيبة المركز بتقديم مشهد ديني يظهر كيف يتم اهمال يسوع وتفضيل امور ثانية عليه وكيف يظلّ يسوع وفياً ويغلب الشر وينقذ الانسان، فمن خلال هذه الفقرة استعدّ الجميع للدخول في جو القداس الاحتفالي الذي ترأسه الأب سيمون زكريان بمشاركة الآباء طوني فريج ورزوق حنوش مع الشمامسة وبحضور المطران يوحنا جنبرت والكثير من الكهنة الأجلاء والراهبات الفاضلات.بعد الانجيل المقدّس توجّه سيادة المطران يوحنا جنبرت بكلمة إلى الشبيبة شجّعهم فيها على التمسّك بيسوع والثبات في الإيمان.

اقتربنا من موعد الغداء ولكن قبل ذلك تم تنشيط الجميع من خلال رقصة حماسية تُمجّد الله وتعبّر عن فرح القلب. كان تناول الطعام في الملعب والساحات والحديقة، حيث تسنى للجميع الحديث وتبادل الخبرات وبعض الراحة.

في تمام الساعة الثانية بعد الظهر بدأت اللعبة التي تحتوي على عدة محطات تتنافس فيها المجموعات من خلال ألعاب جماعية وفردية بسيطة وحماسية. مضى وقت اللعبة بسرعة وعاد الجم
يع إلى الكنيسة على أنغام ترتيلة اللقاء مع الحركات الجميلة التي ترافقها. وبما أننا نحتفل بقديس الشباب ” دون بوسكو” شاهد الجميع عرضاً مختصراً لحياته من اعداد شيف جيمي كورجي والذي أوضح من خلاله كيف كان هذا الرجل أداة مطيعة بيد الله من أجل خلاص نفوس الشبيبة وخاصة الأكثر حاجةً وفقراً.

وصلنا إلى حفل الفرح ! وما أشدّ حاجة شبيبة حلب إلى الفرح في زمن يجعلنا ننسى الابتسامة والضحكة والفكاهة …!

اولى فقرات هذا الحفل كانت عبارة عن مشهد يتكلّم عن الصلاة، حيث يتلّقى المصلّي نصائح كثيرة عن الصلاة، فبدل أن تساعده في صلاته جعلته مكبّلاً ضائعاً لا يعرف كيف يصلّي. كان المغزى من المشهد مساعدة الشباب على التركيز في الصلاة وخاصة صلاة القلب. تبعت هذه الفقرة رقصة ” قرعت بابك بفرح فتحت لي”، ثم ترتيلة اللقاء مع الحركات ولأكثر من مرّة وذلك استجابة لطلب الشبيبة.

وعلى أنغام ترتيلة لدون بوسكو ” فرحي وحياتي أن أكون بين الشباب” رقصت شبيبتنا لتعبّر عن شكرها لله على قديس الكنيسة جمعاء ومحبّ الشبيبة. وبعدها شارك الجميع برقصة تنشيطية جميلة حيث تم إعادتها أكثر من مرّة، وتلاها مباشرة سكيتش الشياطين، فترتيلة اللقاء وبعض التنشيط. وفي هذه الأثناء جاء الأب جورج فتال وأخبر الاب سيمون بأنّ السفير الباباوي قد أرسل للشبيبة رسالة خاصة، وقام الاب سيمون بقرأتها أمام الجميع، وإليكم بعض الكلمات منها:

” يسعدني أن أنقل لكم تشجيع قداسة البابا فرنسيس، فكما تعرفون جيّداً أنّه قريب منكم جدّاً، ومن وطنكم المحبوب سوريا، الذي يحمله في قلبه وفي صلاته بشكل مستمر. الوضع العام والخارجي للأحوال في سوريا وخاصة في حلب صعبة، يظهر واضحا الحزن والألم، ولكن رغم ذلك كلّه تجمّعكم اليوم وفرحكم يفتح آفاق الأمل والرجاء ويزيل غيوم الكآبة ويزرع في قلوب محبّيكم وعائلتكم الرجاء والخير …”فرحت شبيبتنا بهذه الكلمات التشجيعية.

ولكي لا ننسَ امنا مريم في هذا الشهر المبارك، صلّينا لها طالبين شفاعتها من أجل السلام في بلدنا، ثم حمل شبّاننا الصليب الخشبي الكبير ( صليب شبيبة حلب) وتمّ نقله من يدٍ إلى يد فوق رؤوس الجميع ليقولوا بصوت واحد وقلب واحد و روحٍ واحدة بأنّ خلاصنا هو فقط من خلال صليب الرب يسوع.

لم يبقى سوى أن يتوّجّه الأب سيمون زكريان بالشكر للجميع على حضورهم ومشاركتهم ومساعدتهم لإنجاح هذه اللقاء. الشكر الأكبر هو لله الذي أحبّنا ودعانا دعوة مقدسة، للعذراء مريم والقديس يوحنا بوسكو على حضورهم معنا.

كان بالحقيقة لقاءً من العمر… أخبرني أحد الشبّان بأنّه كان في قمة الفرح والغبطة، وقد نسيَ بأنّه في حلب المنكوبة …!

العطش للفرح واللقاء والسلام كان واضحاً في عيون الجميع، أيّ شيء كان يسبب لهم الفرح، فالحرمان الذي عاشوه ومازالوا يعيشونه كبير جدّاً. فهذا النوع من اللقاءات ضروري، لأنّه لا يُشعرهم بالوحدة وبأنّهم متروكين وبأن أحداً لا يسأل عنهم، فبمجرّد رؤيتهم لبعضهم البعض ولقاءهم معاً هو سبب تشجيع وقوّة وعدم استسلام.

اؤمن بأن شبيبة حلب قويّة، اؤمن بأنّها ستغلب الشر المحيط بها، وهذا ما قاله القديس يوحنا: ” كتبتُ إليكم أيّها الشُبّان لأنّكم أقوياء، ولأنّ كلمة الله ثابتةٌ فيكم، ولأنّكم غَلَبتُم الشّرّير” ( رسالة يحنا الثانية 2: 14).

أتذكر هنا كلمات القديس بولس حين يقول: “حيث كَثُرَت الخطيئة، فاضَت النعمة”، وفي حلب نقول: حيث كثرت الآلام والأوجاع والصعوبات والاضطهادات، فاضَت الحياة وزاد الإيمان والإصرار وتجذّرَت القلوب في محبة الله.

أختم هذا العرض السريع عن لقاء ” اتبعني”، بكلمات دون بوسكو،والتي عشناه بكل صدق وطردنا سويةً شيطان اليأس والكآبة من قلوبنا، فهو يقول: ” الشيطان يخاف الممتلئين فرحاً ”  ويذكّرنا أيضاً بعدم القلق والاضطراب فيقول: ” لا يُقلقّنَّكَ شيء فالله معنا، اصبر وصلِّ”.

ولكم منّا كل الشكر والعرفان بالجميل على صلواتكم وتضامنكم معنا

  1. سيمون زكريانالسالزياني

حلب في 3/6/2015

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

Simon Zacarian

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير