“ﻤﺎ ﻫو ﻨوع اﻟﻌﺎﻟم اﻟذي ﻨرﯿد ﺘرﻛﻪ ﻟﻠذﯿن ﺴﯿﺄﺘون ﻤن ﺒﻌدﻨﺎ، ﻟﻸطﻔﺎل اﻟذﯿن ﯿﻛﺒرون؟“، هذا هو السؤال الرئيسي الذي تطرحه الرسالة العامة “كُن مسبحًا” للبابا فرنسيس.
يُخطئ من يظن أن السؤال هو سؤال بيئي فحسب. فطرح السؤال بهذا الشكل هو طرح جزئي وغير وافٍ. الحياة البشرية أوسع من أن تُختصر بالمسائل البيئية. السؤال يتعلق بمعنى الحياة وبالأسئلة المصيرية: “ما هدف الحياة؟ لماذا نعمل ونكدّ؟”. قناعة البابا فرنسيس أنه إذا لم نتفاعل أولاً مع هذه الأسئلة الوجودية، فمسألة البيئة لن يكون لها تأثيرًا حقًا ومناسبًا علينا.
لماذا هذا العنوان؟ – العنوان “كن مسبحًا” يأتي من نشيد المخلوقات للقديس فرنسيس الأسيزي. ينظر هذا النشيد إلى كل الخلائق ويرى فيها مدعاة لتسبيح الخالق. فها الأرض بيت مشترك يحتضننا كما تحتضن الأم أولادها، وجسدنا مكون من مادتها. هذه الأرض المخلوقة للإنسان تدعونا إلى نوع من “توبة بيئية” بحسب تعبير يوحنا بولس الثاني. نحن بحاجة إلى تغيير مسار تعاملنا مع هذه الأرض التي تحتضننا.
يوجه البابا رسالته إلى المؤمنين الكاثوليك، داعيًا إياهم إلى وعي مسؤوليتهم تجاه الخليقة ويشدد على أن هذا البعد البيئي يشكل نقطة تلاقي مع الكنيسة الأرثوذكسية، ويستشهد بإسهاب بالبطريرك المسكوني برثلماوس الأول في العددين 8 و 9.
أقسام الرسالة العامة
تتألف الرسالة العامة من ستة فصول. بعد نظرة إلى مختلف جوانب الأزمة البيئية الحالية، من خلال الاصغاء لنتائج الأبحاث العلمية المتوفرة في أيامنا (الفصل الأول) ينظر البابا إلى المسألة إنطلاقًا من التقليد اليهودي-المسيحي (الفصل الثاني). ويتعمق بعد ذلك في تحديد جذور المشاكل في تكنوقراطية وفي عزلة مرجعية ذاتية مفرطة للكائن البشري (الفصل الثالث).
بعد ذلك يأتي اقتراح الرسالة العامة الذي هو “إيكولوجيا متكاملة تتضمن بوضوح البعد الإنساني والاجتماعي”، والمرتبطة بالتالي بالبعد البيئي (الفصل الرابع). في هذا الإطار يدعو البابا إلى بدء حوار صادق على مختلف المستويات الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية لتنظيم أساليب تقريرية شفافة (الفصل الخامس). بينما يركز الفصل السادس على أولوية تنشئة الضمير في سبيل نمو متكامل تربوي، روحي، كنسي، سياسي ولاهوتي.
يختتم البابا الرسالة العامة بصلاتين: الأولى يشاركها مع جميع الذين يؤمنون بـ “إله خالق وقدير”، بينما الثانية موجهة للمؤمنين بيسوع المسيح، على وقع لازمة “كُن مسبحًا”.