The "other side" of the Sea of Galilee

WIKIMEDIA COMMONS

خِدْمَةُ الْمُحْتَاجِينَ

لمحة عن الرؤية المسيحية

Share this Entry

خدمة محبوبة ومتصلة اتصالاً وثيقًا بالإنجيل؛ ذلك أن المسيح اعتبر نفسه ضمن إخوته : الجوعَى والعطاش والمحتاجين إلى الغذاء والشراب، إخوته العرايا المحتاجين إلى الكساء والدفء، إخوته الغرباء والمحتاجين إلى المأويَ والمساعدة، إخوته المرضى المحتاجين إلى العلاج والزيارة والمواساة والتغذية والتدعيم؛ خاصة ذوﻱ العلل المستعصية، إخوته السجناء المحتاجين إلى الحرية والتغذية والتقويم.

أكد المسيح أن خدمة المحتاجين هي خدمة مباشرة له هو، وأن هذة الخدمة تقدم خفية وعلانية وستُعلن لأصحابها في اليوم الأخير (مت ٢٥ : ٣١). ويمكن أن يضاف إلى قائمة (المحتاجين) الأيتام المحرومين من الأمومة والأبوة، والمحاصرين بالهموم والحزانى والمسنين الذين يعيشون في بيوت خاصة بعيدًا عن ذويهم، وذوﻱ الاحتياجات الخاصة، والمحرومين من بعض الحواس؛ كالمكفوفين والصُم والبُكم، والمرضى النفسيين، وبعض هذة الفئات تعمل الكنيسة على خدمتهم والعناية بهم بسخاء وسرور؛ كقديسين وككنوز فيها، أحباء للرب وإخوته وخاصته الخصوصيين.

ولا بُد أن نضم إلى هؤلاء فئة المضطهدين والمهمشين والمهجَّرين، الذين شُردوا وحُرقوا واستُبيحوا من أجل الإيمان بالمسيح، خلال العشرة سنوات الماضية تحديدًا، فما أعظم مكافأة المؤسسات والخدام الذين سيغمرهم العطاء الإلهي من أجل أتعابهم؛ ولو أدرك أﻱ خادم فيض البركات التي ينعم بها الله عليه إزاء خدمته مهما تضاءلت؛ لَمَا تردد أو تخلف عن خدمة أﻱ محتاج، وها هو الرب يؤكد أنه حتى أصغر الخدمات لن تُنسىَ قدامه، بل هي محفوظة عنده، (ومن سقىَ أحد هؤلاء الصغار كأس ماء بارد فقط بإسمي، فالحق أقول لكم إنه لا يضيع أجره) (مت ١٠ : ٤٢) (مر ٩ : ٤١)؛ لأن الله ليس بظالم حتى ينسى عملكم وتعب المحبة التي أظهرتموها نحو اسمه؛ إذ قد خدمتم القديسيين وتخدمونهم (عب ٦ : ١٠).

كل من يرحم يُرحم، وكل من يعطي بسرور يحبه الله؛ ويعطيه بسخاء كيلاً جيدًا ملبدًا مهزوزًا فائضًا؛ لأن خدمة الجائع والعطشان والعريان والغريب والمريض والسجين والمرذول هي شهادة على صدق الإيمان بالمسيح ومحبته (مت ٢٥ : ٣٤)، كما جعل الرب إهمال هذه الخدمة بسبب الانحصار في الذات، إنكارًا للإيمان؛ والنتيجة هي السقوط من رحمه الله (فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدﻱ) (مت ٢٥ : ٤٦).

ولأن خدمه الآخر تنطلق من إنكار الذات؛ فهي تسهم بالتالي في تراجعها؛ والانشغال بتخفيف آلام الآخرين وسد احتياجاتهم ومشاركه همومهم. وبقدر ما نتجرد ونتسع؛ يحضر فينا المسيح بغناه ورضاه، (مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ) (أع ٢٠ : ٣٥). الملكوت الآن في طور التحقق عمليًا؛ حتي يوم وصول العريس السماوﻱ… ملكوت حاضر، ملكوت قريب، ملكوت على الأبواب، ملكوت حالي وواقع ومستقبلي؛ دشنه مسيحنا ليبشر المساكين ويشفي منكسرﻱ القلوب؛ ويطلق المأسورين وينعم بالبصر للعميان ويمنح المنسحقين حرية؛ ويكرز بسنته المقبولة.

وها اليوم يتم المكتوب في مسامعنا عبر خدمة المحتاجين؛ حينما لا نقف بطّالين متفرجين؛ بل ساعِين لخدمة بشارة الملكوت المكتشف بتطبيق عملي واستغناء عن قيم العالم الكاذبة المزيفة، فالذﻱ يعمل أعمال الملكوت : يدخله ويدركه ويُشفىَ ويتبع الملك؛ لا بالحصرية أو الدفاعية بل بإنفتاحه نحو الآخرين؛ الذﻱ يعكس إنفتاح الله نحو أولاده المشردين والمنبوذين والمبغَضين.

التطبيق والممارسة في خدمة المحتاجين هما طريقتنا في المساهمة في بناء ملكوت الله، وهي إعلان يسوع لملكوت الله في ضوء التوقعات المعبر عنها في شخصية العبد المتألم (إش ٥٣)؛ الذﻱ يحرر المظلومين والمسحوقين؛ والذين يعانون من العمى والصمم الروحيين، فيعلن ملكوت رب الجنود… ملكوت إلهنا وتحقيق المأمورية والبوصلة العظمى بصناعة الرحمة وأحشاء الرأفة في خدمة كل محتاج.

Share this Entry

القمص أثناسيوس جورج

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير