هناكَ عناصر أخرى تنقلُ موضوع العنف في لغة مختلفة إلى حدّ ما ، أي أقلّ صراحة لأنها تصدر عن تقاليد أعرق في القدم . وهي في بعض الأحيان تتكرّر في التقليد الكهنوتيّ … على سبيل المثال :
إنّ قدرة تسلّط الرجل على المرأة (تك 3 : 16) لا تظهر قبل زلّة الثنائيّ الأوّل : إنها ثمرة تلك الزلّة . أما فكرة خَلَف للحيّة ، فإنها قد ألهمت نصوصا متأخرة ( 3 : 15 ، ورؤ 12 : 9 ، و20 : 2 ، ويو 8 : 44) . الإستعاضة عن لباس نباتيّ بلباس ٍ آخر من جلد ، يفترض صلة عنيفة بالحيوان : والمفيد أنّ الله هو الذي أخذ المبادرة (تك 3 : 21) .
هذا وإنّ الله أيضا هو الذي وضع على قاين الإشارة الخفيّة ، أي الرسالة المــــُقنِعة بالعدول والموجّهة (بحسب سياق الكلام ) إلى تثبيط عزيمة المعتدين ، خوفــــًا من الإنتقام (4 : 15) . وبذلك ، وُضع حد لسفك الدم ، ولكن بسبب الخوف . فلم يعامل التقليد قاين ولا نسله القينيّين كمجـــرّد مجرمين ( 1 أخ 15 :4 – 6) .
قد يكون هناك شيء من القرابة بين ” العلامة التي جُعلت لقاين لئلّا يضربه كلّ من يجده ( تك 4 : 15 ) وصورة الله في روايتها الثانية ، وهو صورة تك 9 : 6 ، حيث يتكرّر الموضوع في سياق حضّ على العدول .
إنّ أحد أهمّ التكرارات هو تكرار الأسطورة القديمة التي ورد ذكرها في تك 6 : ” استحسن بنو الله بنات الناس فاتخذوا لهم نساء من جميع مَن اختاروا . وكان على الأرض جبابرة في تلك الأيّام . وبعد ذلك أيضا ، حين دخل بنو الله على بنات الناس ، فولدنَ لهم أولادًا ، هم الأبطال المعروفون منذ القدم ” . لم يخفَ ذلك على التقليد الكهنوتيّ ، فإنه ، في تك 1 ، يشدّد صراحة على تمييز الأصناف إلى حدّ بعيد . ولذلك فإنه يتابع فورًا ، جامعا بين الفساد ( أي خلط ما هو متميّز) والعنف : ” وفسُدت الأرض أمام الله وامتلأت عنفـــــًا . ورأى الله الأرض فإذا هي قد فسدت ، لأنّ كلّ بشر قد أفسدَ طريقه عليها ” (تك 6 : 11) .
ذريّة أولئك الجبابرة ، بشكل عمالقة ما قبل التاريخ ، قامت بدور استراتيجيّ في تاريخ اسرائيل . فهي التي تؤلّف سورًا على حدود أرض الميعاد ، أو التي كانت أوّل مَن احتلّ الأرض . كانت قامتهم مخيفة . هذا وإنّ (عد 13 : 33) يربط بالجبابرة أولئك العناقيّين الذين يرد اسمهم في روايات الفتح : تث 1/ 28 ، 2 / 10 ، 9 / 2 ، ويش 11 / 21 و 14 /15 و 21/11 وأيضا تك 14/5 . يجب علينا ، ولا شكّ ، أن نحفظ أنه ، إذا كانت حرب الفتح التي شُنّت للدخول إلى أرض الميعاد عنيفة حقا ، فإنها شنّت على أولئك العمالقة الذين وصفوا بأنهم كانوا ممثّلين زمزيّين لعنف ٍ مفرط .
حيثما أدخَل التقليد الكهنوتيّ ( تك 9) حقّ سفك الدم (لا استهلاكه ) ، كان التقليد السابق قد أتبع الطوفان برواية فاقعة الألوان للذبيحة الدامية التي قرّبها نوح وبرضى الربّ (8 : 21) . يتزامَن ذلك مع العهد (من دون الإسم) الذي قطعه مع الكون . أمّا التقليد الكهنوتيّ ، فإنه يشدّد على الدم ، مع السكوت عن الذبيحة ، بانتظار التشريع الموسويّ .
العهد الذي يفتتحُ النظام التابع للطوفان تليه ، في أقدم التقاليد (تك 9 : 18 – 28) ، لعنة كنعان على لسان نوح . فهي تسبق بركة سام . نرى عندئذ موضوع السيطرة يتأرجحُ بين عدّة أزمنة .
يتبع