علّق البابا فرنسيس اليوم في أثناء عظته الصباحية على معجزة تكثير الخبز في أثناء القداس الإلهي الذي احتفل به في سانتا كروز مشيرًا الى أنّ هذا المقطع من الإنجيل يشبه الحالة التي نعيشها اليوم إذ “نحن نشبه الأربعة آلاف شخص الذين أتوا ليسمعوا كلمة يسوع. هم في الأمس ونحن اليوم مجتمعون مع المعلّم، خبز الحياة”.
وقال: “لقد رأيت، خلال هذه الأيام، العديد من الأمهات اللواتي يحملن أولادهنّ على أكتافهنّ كما يفعلن هنا كثيرات. يحملن الحياة على أكتافهنّ ومستقبل شعبهنّ. يحملن أسباب أفراحهنَّ ورجائهنَّ. يحملن بركة الأرض في الثمار. يحملن عمل أيديهنَّ. أيادٍ زرعت الحاضر وستنسج أحلام الغد. ولكنهن يحملن على أكتافهنَّ أيضًا خيبة الأمل والحزن والمرارة والظلم الذي يبدو أنه لن يتوقّف، وتحسّرات على عدالة لن تتحقّق” مفسرًا بأنّ “الشعوب تملك ذاكرة، ذاكرة تنتقل من جيل إلى جيل، ذاكرة تسير”.
ثم تابع البابا ليقول بأنّ هذه المسيرة تشعرنا بالتعب مرات كثيرة “فنعيش أوضاعًا تخدّر ذاكرتنا فيضعف بذلك الرجاء ونفقد دوافع الفرح. فيبدأ الحزن بالسيطرة علينا ويتحوّل إلى انفرادية تجعلنا نفقد ذاكرة الشعب المحبوب والمختار. وهذه الخسارة تُبدّدنا وتجعلنا ننغلق على الآخرين ولا سيما من هم الأكثر فقرًا.
حتى إنه يمكن أن نتصرّف مثل التلاميذ، عندما رأوا حشد الناس الحاضرين، طلبوا من يسوع أن يصرفهم بحجة أنه يصعب إطعام هذا العدد من الناس. فإزاء العديد من حالات الجوع في العالم يمكننا القول: “توجد ثغرات ما” من الصعب مواجهة هذه الأوضاع وبالتالي يتمّلك اليأس من قلبنا”.
وركّز البابا على جواب يسوع للتلاميذ وهو موجّه إلينا أيضًا قائلاً: “لا حاجة بهم إلى الذهاب. أعطوهم أنتم ما يأكلون” إنها دعوة يتردّد صداها اليوم بقوة: لا حاجة بأحد إلى الذهاب، كفى إقصاء، أعطوهم أنتم ما يأكلون”. ويسوع لا يزال يقول لنا في هذه الساحة، نعم كفى إقصاء، أعطوهم أنتم ما يأكلون”.
ثم شدد البابا على ثلاثة مواقف قام بها يسوع من خلال ثلاث كلمات: أخذ، بارك وناول إنطلاقًا من الآية التالية: “أخذ القليل من الخبز وبعض الأسماك، وبارك وكسر الأرغفة وناولها التلاميذ فوزَّعوها على الآخرين” هذه هي مسيرة المعجزة. ليست سحرًا بالطبع ولا عبادة أصنام. فيسوع، ومن خلال هذه الأفعال الثلاثة يتمكَّن من تحويل منطق الإقصاء إلى منطق شركة وجماعة. ثم توقّف على كل فعل:
أخذ: نقطة الانطلاق، أخذ حياة خاصته على محمل الجدّ. ينظر إلى عيونهم ويعرف حياتهم ومشاعرهم. ويرى من خلال هذه النظرات ما ينبض وما توقفت نبضاته في ذاكرة وقلب شعبه. فيأخذه بعين الاعتبار ويقيّمه. يُقيِّم كل الصلاح الذي بإمكانهم أن يساهموا به وكل الصلاح الذي يمكن بناؤه
بارك: إن يسوع يأخذ الأمر على عاتقه ويبارك الآب الذي في السماوات. يعرف أن هذه العطايا هي هبة من الله. لذلك لا يتعامل معها كما ولو كانت “مجرّد أشياء” لأن الحياة بأكملها هي ثمرة الحب الرحيم” مؤكّدًا بأنّ ربنا لا ينتزع منا شيئًا بل يكثّر كل شيء ويباركهطالبًا من أبيه نعمة الروح القدس.
ناول: في يسوع لا يوجد أخذ بدون بركة، ولا وجود لبركة بدون أن تُمنح وتُعطى. فالبركة هي رسالة على الدوام، ولديها وجهة: مشاركة ومقاسمة ما نلناه، إذ إنه في العطاء فقط وفي المشاركة يمكن للأشخاص أن يجدوا مصدر الفرح وخبرة الخلاص”.
ثم ختم البابا عظته مشيرًا الى أنّ يسوع يريد أن نشاركه حياته وهو يتكاثر في مجتمعنا من خلالنا موضحًا بأنّ الكنيسة هي شعب يتذكّر والحياة التي تتذكّر تحتاج الى الآخر سائلاً أن تكون مريم مثالاً لنا، هي من أخذت على عاتقها ذاكرة شعبها وحياة ابنها.