عندما نقرأ قصة إبراهيم، نتوقف كثيرًا (وقد فعلنا ذلك في هذه السلسلة) على التضحية التي يطلبها الرب من إبراهيم، على “الترك”، ترك الأرض، ترك العائلة، إلخ. ولكن المهم في قصة إبراهيم ليس الترك، بل ما يعد به الرب، وهو أكبر بكثير وأعظم بكثير مما يتركه إبراهيم.
لهذا نود في هذا القسم من السلسلة أن نتوقف على وعد الله إبراهيم. يتحدث الله إلى إبراهيم لأنه يهمه خير إبراهيم. لا يدعوه للتخلي في سبيل التخلي، يدعوه للتخلي لكي يوسع قلبه وحياته لتقبل ما هو أكبر وأعظم. صحيح أن طلب الترك هو الذي يفتح الحوار بين إبراهيم، ولكن هذا الترك ليس دون وعود. الترك هو شرط ضروري وليس طلبًا اعتباطيًا من الله[1]. فقط إذا ترك إبراهيم أرضه، يستطيع أن يلج أرض الميعاد. وفقط إذا انفتح على خصب علاقة الثقة مع الرب يستطيع أن يختبر الخصب في حياته الزوجية. “وأنا أجعلك أمة كبيرة وأباركك وأعظم اسمك، وتكون بركة. وأبارك مباركيك، وألعن لاعنيك ويتبارك بك جميع عشائر الأرض” (تك 12، 2 – 3).
الأفعال المستعملة في هذا الوعد تبين اهتمام الرب وعنايته بإبراهيم. وماذا هناك في وعد الله لإبراهيم؟
هناك وعدان مترابطان: وعد الأرض ووعد النسل. وإنما هما بعدان مترابطان ويبينان كيف أن عناية الله ملموسة وعملية. عندما يدعو الله الإنسان، يقدم له الوسائل والسبل لتحقيق هذه الدعوة. الله يهتم بالرغبات المقدسة التي يضعها في قلوبنا. لا تنقص التناقضات والمصاعب، وسيرة إبراهيم هي لخير دليل. ولكن الله أمين. هذا ما نتعلمه من وعد إبراهيم وتحقيقه.
[1] C.M. Martini, Abramo nostro padre nella fede, 61.