نحن هنا بإزاء وصف بيبليّ تقليديّ ليوم يهوه . ففي العصر البيزنطيّ ، على سبيل المثال ، حين كانوا يرسمون القيامة أو الثالوث ، كان هناك نموذج جاهز : الشخوص ، الموضوع ، الألوان الخ … هكذا هي الحال ، إلى حدّ ما ، في ما يتعلّق بالكتاب المقدس . فلكي يصفوا يومَ يهوه ، كانت الألوان متوقّعة : الظلمات ، الكواكب المظلمة ، الزلازل … كان لا بدّ أن يكون لها مكان في هذا الوصف . ومتّى يستقي من هذا التقليد ، وليس محظورًا علينا أن نفكّر بزلزال حقيقيّ ؛ ولكن ليس من الضرورة أن نعتقد بأنّ الشق في الصخرة التي تبدو في مكان الجلجلة ناتجٌ عن ذلك !
ما هو المقصود من هذا المقطع الذي يصعبُ فهمه ؟ بعض النقّاد يتّفق على الإعتقاد بأنّ هؤلاء القدّيسين هم أشخاص من العهد القديم كالآباء ابراهيم واسحق ويعقوب وداود . ولكن ، عن أيّة عودة إلى الحياة يدور الحديث ؟
هناكَ عددٌ من آباء الكنيسة يتحدّثون عن عودة إلى حياة هذا العالم . يعقبها موت جديد . وبموجبه نكون بإزاء معجزة ، أي علامة قدرة . تلك هي الحال مع الانبعاثات في الإنجيل ، كما جرى في إحياء لعازَر . إلاّ أنّ سياق النصّ يستبعدُ مثل هذا التفسير . هل يمكننا أن نتخيّل ابراهيم خارجا من قبره ومتجوّلا في أورشليم ، على مدى يومين أو ثلاثة ، ويموت من ثمّ من جديد ؟ (كما يقول الأب الدومنيكيّ بيير بنوا ) . إنّ مثل هذه الرؤية للأمور هي من الغرابة بمكان بحيث تحملنا على البحث عن شيء آخر غير القيامة المؤقّتة .
أغلبيّة آباء الكنيسة يعتقدون ، ومعهم اللاهوتيّون المعاصرون ، انه ينبغي التفكير بقيامة نهيويّة ” أسكاتولوجيّة ” . فنحنُ بإزاء تحقيق ما أعلنه الأنبياء بأن الموتى سيقومون في منتهى الأزمنة . لم يكن بوسع صدّيقيّي العهد القديم أن يدخلوا إلى السماء قبل أن يكون يسوع قد فتحها ، وكان عليهم أن ينتظروا في موضع مؤقّت ، يدعى ” اليمبوس ” وما أن أُنجزَ الخلاص ، فمن الثابث أنّ أبواب اليمبوس فتحت ، وأن موتى العهد القديم دخلوا إلى الفردوس ، من دون أجسادهم ولا ريب ، وأنهم بلغوا إلى السعادة المعدّة للنفوس ، في إنتظار القيامة الأخيرة . لقد إشترك قديسو العهد القديم في قيامة المسيح ، ودخلوا معه في ” الزمن النهيويّ الإسكاتولوجيّ ” . إنهم يتراءون في المدينة المقدّسة ، ولكنّها ليست بالضرورة أورشليم الأرضيّة ، وإنّما هي بالأحرى مدينة السماء المقدسة ، أورشليم السماويّة ، كما تدعوها الرسالة إلى العبرانيّين ( 11 : 10 ، 12 : 22 – 23 ، 13 : 14 ) ، وسفر الرؤيا ( 3 : 12 ، 21 : 2 – 10 ) .
كلام متى لاهوتيّ أكثر من كونه تاريخيا بالمعنى الماديّ . هكذا فهمه آباء الكنيسة . إنه تعبيرٌ رائع مليءٌ بالصور وغنيّ بعقيدة النزول إلى الجحيم . هذه العقيدة التي تضمّنها قانون أيماننا ، تعني أنّ يسوع نزل إلى الجحيم ، لا ليقاتل الشيطان ، طالما أنه أحرزَ النصر بالصليب ، وإنما لكي يفتح الباب للنفوس المخلّصة . المسيح يحرّر من الشيئول كل الذين كانوا ينتظرونَ الخلاص في الماضي ، ويُدخلهم معه إلى الفردوس .