ZENIT Members of Staff in the Pressroom of the Vatican

ZENIT

متى تم أول لقاء بين الله وإبراهيم؟

ما هي دعوتي؟ – 15

Share this Entry

بالرغم من أن الكتاب المقدس لا يقدم لنا جوابًا حول عمر إبراهيم حين تعرف لأول مرة على الرب، فقد قدم التقليد أجوبة مختلفة. فهناك من يقول أن إبراهيم تعرف على الرب عندما كان عمره سنة واحدة، والبعض الآخر يقول أنه تعرف على الرب بعمر ثلاث سنوات، بينما يقول آخرون أنه تعرف على الرب بعمر 48 سنة.

ما معنى هذه السنوات؟ أليست مجرد أجوبة عشوائية لا أساس لها؟ يعالج اللاهوتي روبير مَارتِن أَشَارْ هذا السؤال، الذي قد يبدو سطحيًا ووليد الفضول، للتعمق في فهم ديناميات الدعوة. ويحلل اللاهوتي المذكور الأجوبة الثلاث التي قدمها التقليد.

فبعمر السنة الواحدة يعني أن اللقاء تم بنعمة خاصة وبدعوة خاصة من الرب. فلنذكر دعوة إرميا. يقول الرب للنبي بشأن دعوته: ” قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ. جَعَلْتُكَ نَبِيّاً لِلشُّعُوبِ” (إر 1، 5). هناك أمر مشابه في دعوة أشعيا، ونقرأ عن الدعوة من الرحم في المزمور 71، 6. هذا الوجه من الدعوة يبين لنا كيف أن الرب يحبنا ويدعونا من الرحم (راجع 1 يو 4، 19).

في قصيدة شهيرة، يتحدث الحلاج عن أولية دعوة الرب:

” لبّيكَ لبّيكَ يا سرّي و نجوائـــي        لبّيك لبّيك يا قصدي و معنائـي

أدعوك بلْ أنت تدعوني إليك فهـلْ         ناديتُ إيّاك أم ناجيتَ إيّائـــي “

الرب هو البادئ، هو الأول، وما توقنا إليه إلا جوابًا من على توقه إلينا. كلماته ليست بعيدة عن كلمات يسوع في إنجيل يوحنا: ” اَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقْبِلَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يَجْتَذِبْهُ الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي” (6، 44).

هذا وإن اللقاء بالرب بعمر 3 سنوات يعني اللقاء بالرب في صلب العائلة وبفضل العائلة. هذا العمر يبين دور الأهل والمربين في تنشئة الأطفال والتعرف على صوت الرب في القلب. هناك أمثولة في قصة النبي صموئيل. فالفتى يسمع صوت الرب ولكنه بحاجة لمن يعلمه أن يدرك أن الرب هو الذي يخاطبه (1 صم 3).

تكتب تريز الطفل يسوع إلى رئيستها (وأختها) بولين: “غالبًا ما كنت أسمع أن بولين ستصبح راهبة بالتأكيد، فكنت أفكر، دون أن أعرف ما معنى ذلك: “أنا أيضًا سأصبح راهبة”. تلك واحدة من ذكرياتي الأولى، ومنذئذ، لم أغيّر قصدي قط!… وكنت أنتِ، يا أمي العزيزة، التي اختارها يسوع لتخطبني له؛ لم تكوني إذ ذاك بالقرب مني، غير أن ارتباطًا كان قد تكوّن بين نفسينا… لقد كنتِ مثالي الأعلى، وكنت أودّ التشبه بك، ومثلك هو الذي جذبني إلى عريس العذراى منذ الثانية مع عمري…”.

ونرى القديسة عينها تتحدث عن جاذبية قداسة أبيها فتقول: “حينما كان الواعظ يتكلم عن القديسة تريز، انعطف بابا إليّ، وقال لي همسًا: ‘اسمعي جيدًا ملكتي الصغيرة، فالكلام عن شفيعتك القديسة‘. فكنت أصغي بانتباه، ولكني كنت أنظر إلى بابا أكثر منه إلى الواعظ، إذ كان محياه الجميل يعلمني أمورًا كثيرة!… وكثيرًا ما كانت عيناه تغرورقان بالدموع، فيحاول عبثًا حبسها. وكان يبدو أنه لم يعد متعلقًا بهذه الأرض، بل كانت نفسه تحب الغوص في الحقائق الإلهية“.

ومرة أخرى كتبت عن أبيها الذي كان أمامها مثال قداسة حي، لا يحتاج إلى الكلام: “كان ينشد أنغامًا تملأ النفس بالأفكار العميقة… أو يهدهدنا برفق ويسرد مقطوعات شعرية مشبعة بالحقائق الإلهية… وبعد ذلك، كنا نصعد لتلاوة الصلاة معًا، والملكة الصغيرة وحدها بجانب ملكها” وتختم تريز بهذه الكلمات التي ليتها تكون كلمات كل طفل عن أبيه وأمه: “حسبُها أن تنظر إليه لتعرف كيف يصلي القديسون“.

مثل آخر نجده في حياة الأم تريزا. تتحدث الطوباوية في إحدى كلماتها عن أمها فتقول: “نعم، لقد كانت أمي امرأة قديسة. كانت تسعى لتربية أولادها على حب الله والقريب. كانت تقوم بكل جهد ممكن لكي تربينا متحدين بيسوع بالكلية. وكانت هي بالذات تهيئنا للمناولة الأولى. كانت أمنا تعلمنا أن نحب الله فوق كل الأشياء”.

أما لقاء الرب بعمر 48 سنة يعني لقاءً ناضجًا، لقاء ارتداد يأتي نتيجة لمسيرة شخصية. بحسب بعض معلمي التقليد اليهودي، تعرف إبراهيم على الرب من خلال تأمل النجوم وقد أدرك أنه لا يجب أن عبادة النجوم بل خالق النجوم. لقد أدرك إبراهيم الفرق بين الخليقة والخالق ورفع عينيه أعلى من النجوم إلى خالق الأكوان.

يقول القديس إيريناوس، في حديثه عن دعوة إبراهيم، أن هناك ترابط بين الحدس البديهي لوجود الله وبين النضج الإنساني الذي يتم مع الوقت. وإذ كان إبراهيم “يجول العالم باحثًا عن الله”، “تحنن الله عليه وكشف عن نفسه لذاك الذي كان يبحث عنه في الصمت”. 

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير