Goalkeeper in action

Pixabay CC0

الله واللعب (2)

خواطر في لاهوت الرياضة

Share this Entry

معنى اللعب

بعد النظرة التاريخية التي ساعدتنا لكي نكتشف الأسباب وراء تحفظات الآباء نحو الرياضة، فلننتقل إلى الحاضر ونفكر بالقيمة اللاهوتية والروحية للرياضة.

وبالعودة إلى كتاب هارفي الذي استشهدنا به أمس، نجد في الإهداء عينه نقطة بدء لتفكيرنا إذ يكتب: “هذا الكتاب هو مُهدى لروز هارفي، ابنتي. في الزمن القصير الذي قضته حتى الآن معنا، علمتني روز أكثر من أي شخص آخر أن الحياة ليست أمرًا جديًا، ولكن معناها هو الحب”. هذا الإهداء يبين أن هناك حكمة في الاعتراف بنسبية وجودنا وأعمالنا وأن نعيش هذه النسبية على ضوء المطلق الأوحد: حب الله.

الرياضة تحمل الإنسان خارج بُعد النافع إلى مجال المجانية. بهذا الإطار يلاحظ هارفي أن هناك بُعد “ليتورجي” في الرياضة. ربما نستطيع فهم هذا البعد أكثر عندما نرى كيف أن اللاهوتي رومانو غوارديني  يرى عمل الخلق عينه كـ “لعب الله”. اللعب هو “ليتورجية محدوديتنا”. يظهر اللعب في الحياة كتعبير عن حريتنا حيال الضروريات وكخبرة عتق تجاه البُعد الاستهلاكي للعيش.

ولعل اللعب هو ما يسمح لنا أن نقترب أكثر من مقاربة الأطفال، أحباء يسوع، للعيش. يذكرنا غوارديني بهذا الصدد بأن “الطفل، عندما يلعب، لا يهدف إلى إحراز شيء، ليس لديه هدف. جل ما يبغيه هو أن يُفعل طاقات شبابه، أن يوسع حياته في حركات وكلمات وأفعال منزهة عن أية مصلحة أخرى. هي بلا هدف، ومع ذلك هي مليئة بمعنى عميق، هو معنى حياته الشابة”.

الله يلعب

إلا أن البعد اللاهوتي يذهب أبعد بكثير من خبرتنا البشرية. فـ “اللعب” هو في جوهر كيان الله. يحدثنا العهد القديم عن الحكمة، وهي تشبيه للوغوس (الكلمة) بحسب آباء الكنيسة، التي تلعب أمام الله والتي تتلذذ برفقة بني آدم. حكمة الله ليست خانقة في جديتها، بل هي مجانية فرحة.

حرية الفعل الخالق، التي هي من ركائز الإيمان اليهودي والمسيحي، تعبّر عن نفحة “اللعب” التي تميّز خيار الله الخالق. الله لا يخلق لأنه مضطر لذلك. يخلق بفيض من المجانية والحب. بهذا المعنى يمكننا أن نقول أن الخلق يندرج في إطار ما “ليس نافعًا”. بمعنى آخر: الله متنزه عن الحاجات وهو لا يخلق لأنه بحاجة للخلق، بل بفيض من حبه. لا من باب الضرورة، بل من باب المحبة. لا من باب الحاجة، بل من باب النعمة. لا من باب النقص، بل من باب الفيض.

يجب على الإنسان أن يعيش اللعب في مجانية الحب عينها التي تميّز لعب الله. لعب الله ليس مضيعة وقت، هو لعب خلاق، ونحن مدعوون أن نعيش أبعاد حياتنا في اقتداء بمجانية حب الله وبوعينا لنعمة عيش الأبناء المتبنين في الابن يسوع المسيح.

 

يمكنك مراجعة القسم الأول من المقالة على هذا الرابط

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير