غداة وصوله إلى قاعدة أندروز الجوية في واشنطن في إطار زيارته الرسولية إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكوبا، توجه البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء بالتوقيت المحلي إلى البيت الأبيض حيث تم استقباله رسميا بحضور الرئيس الأمريكي باراك أوباما وحشد غفير من المسؤولين المدنيين والدينيين. ووجه البابا خطابا قال فيه:
سيدي الرئيس، إني ممتن فعلا لترحيبكم بي باسم جميع الأمريكيين. كابن عائلة مهاجرة، إني مسرور لكوني ضيفا في هذا البلد الذي بنته عائلات كهذه بشكل رئيس. إني أتطلع لأيام التلاقي والحوار القادمة، والتي آمل أن أستمع خلالها إلى آمال وأحلام الشعب الأمريكي وأشاطره إياها. خلال زيارتي سيكون لي شرف مخاطبة الكونغرس، حيث آمل ـ بصفتي شقيق لهذا البلد ـ أن أقدم كلمات تشجيع للمدعوين إلى قيادة المستقبل السياسي للأمة في إطار الأمانة للمبادئ التي تأسست عليها. وسأتوجه أيضا إلى فيلاديلفيا لمناسبة اللقاء العالمي الثامن للعائلات للاحتفال بمؤسستي الزواج والعائلة ودعمهما في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ حضارتنا.
تابع البابا يقول: سيدي الرئيس، إن الكاثوليك الأمريكيين وبالتعاون مع مواطنيهم ملتزمون في بناء مجتمع يكون متسامحا حقا ويشمل الجميع، وفي الدفاع عن حقوق الأفراد والجماعات ونبذ كل شكل من أشكال التمييز المجحف. إنهم مهتمون، شأن الأعداد التي لا تُحصى من الأشخاص ذوي الإرادة الطيبة، بأن تحترم الجهود الهادفة إلى بناء مجتمع عادل ومنظّم شجونَهم العميقة وحقَّهم في الحرية الدينية. وتبقى تلك الحرية من بين أثمن ما تملكه أمريكا. وكما ذكرنا أخوتي، أساقفة الولايات المتحدة، إن الكل مدعوون للسهر، كمواطنين صالحين، من أجل حماية هذه الحرية والدفاع عنها ضد كل ما من شأنه أن يهددها وينتقص منها.
سيدي الرئيس، أرى أن المبادرة التي اقترحتها بشأن التخفيض من تلوث الهواء أمر مشجع. وإذا ما أخذنا في الاعتبار إلحاحية المسألة، يبدو واضحا لي أن التبدلات المناخية مشكلة لا يمكن تركها لأجيال المستقبل. عندما يتعلق الأمر بالاعتناء بـ"بيتنا المشترك" إننا نعيش مرحلة حرجة من التاريخ. ما يزال أمامنا الوقت الكافي لإحداث التغيرات المطلوبة من أجل تحقيق "نمو مستدام ومتكامل، لأننا نعلم أن الأمور يمكن أن تتغيّر" (كن مسبحا، 13). إن هذا التغيير يتطلب منا إقرارا جديا ومسؤولا ليس فقط بنوع العالم الذي نتركه لأطفالنا، بل أيضا بملايين الأشخاص الذين يعيشون في ظل نظام غض عنهم الطرف. إن بيتنا المشترك كان جزءا من هذه المجموعة من المهمشين الذين ينادون السماوات واليوم يحاكون بيوتنا ومدننا ومجتمعاتنا. استخدم عبارة لمارتن لوثر كينغ: يمكننا القول إننا تخلفنا عن الإيفاء بمذكرة تعهدية واليوم آن الأوان للإيفاء بها.
إننا نعلم بدافع الإيمان ـ قال البابا في خطابه إلى الرئيس الأمريكي ـ "أن الخالق لا يتركنا، إنه لا يتخلى أبدا عن مخططه المحب أو يندم لأنه خلقنا. للبشرية القدرة على العمل معا في بناء بيتنا المشترك" (كن مسبحا، 13). كمسيحيين نستلهم إيماننا من هذه الحقيقة، نرغب في الالتزام بالعناية الواعية والمسؤولة ببيتنا المشترك. إن الجهود التي بُذلت مؤخرا من أجل استعادة العلاقات المقطوعة وفتح أبواب جديدة للتعاون ضمن عائلاتنا البشرية تشكل خطوات إيجابية على درب المصالحة والعدالة والحرية. أود من كل الرجال والنساء ذوي الإرادة الطيبة في هذه الأمة العظيمة أن يدعموا جهود الجماعة الدولية الرامية إلى حماية الضعفاء في عالمنا وإلى تحفيز نماذج متكاملة وشاملة للتنمية، كي يختبر أخوتنا وأخواتنا في كل مكان بركات السلام والازدهار التي يريدها الله لكل أبنائه. سيدي الرئيس، أشكرك مرة جديدة على ترحيبك، وأتطلع إلى هذه الأيام التي سأمضيها في بلدك. ليبارك الله أمريكا!