كنّا قد بدأنا ضمن مقال سابق في عرض مفهوم القديسة تريزيا الأفيلية للسعادة الحقيقية، وسنتابع اليوم، عشيّة عيدها في 15 تشرين الأول – نصائحها، بحسب ما أوردها إدغار إنريكي كوراسكو على موقع catholic-link.org الإلكتروني.
وبعد أن قلنا “لا تدعوا شيئاً يزعجكم”، و”لا تدعوا شيئاً يخيفكم” لأنّ “كلّ الأشياء عابرة”، سنتطرّق إلى موضوع الله وتعاليمه.
الله لا يتغيّر أبداً
يظنّ كثر أنّ الله كالمثلّجات التي نختار منها المذاق الذي يعجبنا. وإن لم نحصل على ما طلبناه، لا ندفع ولا نأكل. لكن لا… الله ليس كذلك. إنّ الله أب، والآباء لا يعطون أولادهم دائماً ما يريدونه، بل يعطونهم ما يحتاجون إليه، لأنّ الأب يحبّ أولاده ويعرف ما هو لصالحهم، كما أنّه يصحّح لهم عندما يخطئون، ولا يريد لهم إلّا الأفضل.
أمّا نحن فنبحث عن الله مراراً وتكراراً لنفعل ما نريده، ولنطلب منه المعجزات، فيما ننسى أنّ الله ليس مصنعاً يصنّع الأشياء على هوانا. وحتّى لو شعرنا أنّ الله ليس إلى جانبنا أو موجوداً في حياتنا، فلنكن متأكّدين أنّه موجود، وهو يحفظ الهواء الذي نتنشّقه. فلنثق به، ولنسمح له بأن يقولبنا ويصحّح لنا ويؤدّبنا، لأنّه سيعطينا دائماً ما نحتاج إليه، وليس ما نريده نحن.
بالصبر تحصلون على كلّ شيء
إنّ الصبر ثمرة الروح القدس التي نسيها البعض. فالاختراعات الحديثة والعصرية تجعل كلّ شيء يسير على سكّة السرعة: نريد كلّ شيء الآن! كما وأنّ الانتظار ليس شعبيّاً.
يُقال إنّ الصبر هو علم التوصّل إلى السلام، والعيش بسلام مع أنفسنا ومع الآخرين ومع الله. ويعني الصبر الانتظار بدون قلق، مع معرفة أنّ لكلّ شيء وقتاً. وعلى الرغم من صعوبة الأمر، علينا أن نطلب إلى الله أن يمدّنا بهذه الثمرة. لا وجود للحبّ بدون صبر. ومع الثقة والإيمان، يمكننا أن نتأكّد أننا نستطيع إنجاز أيّ شيء.
إنّ الصبر بغاية الأهمية، شرط أن يكون مقروناً بالإيمان والأمل والحب!
من له الله…
ثمة أمران يجب أن نشير إليهما هنا. أوّلاً، لا يمكننا أن نسمح للخطيئة بأن تصبح عقبة أمام وصولنا إلى الله. كما وأنّه ليس علينا أن نسمح للخطيئة بأن تُغرقنا في وحول اليأس. إن أخطأتم، توبوا واعترفوا، والله سيسامحكم. لكن لا تستسلموا.
هناك شيء يجب أن يعرفه الجميع: قال البابا فرنسيس مراراً إنّه ليس علينا أن نحاور الشيطان، بل علينا أن نرفع رأسنا وأن نتابع طريقنا. فمع الله إلى جانبنا، لن يفوز الشيطان.
ثانياً، بالنسبة إلى الكاثوليكي، إنّ الله كنزه. إن كنتم تؤمنون بهذا، لن تذهبوا للبحث عن شيء آخر. إنّ الله عظيم، ومهما حصل، سنجد فيه سعادتنا بدون أن ينقصنا شيء، وبدون أن نحسد أحداً على شيء، مع العلم أننا نتشاطره مع الجميع!
الله وحده يكفي
أين أجد أماني؟ في المصرف؟ في الشركة؟ في الشهرة؟ سبق وقلنا إنّ هذا كلّه سيتلاشى. وحتّى لو خسرنا كلّ ما لدينا، علينا أن نبقى أمناء لله، وعلى خطواتنا أن تبقى ثابتة معه. عندما يكون الله أماننا، تتغيّر حياتنا. فمن سيأبه عندها للأشياء المادية؟ الله وحده يكفينا، وهو الوحيد الذي نحتاج إليه إلى جانبنا.
الله يملأ حياتنا وقلوبنا. هل يصعب فهم هذا؟ الله أعطانا كلّ شيء. فلنشبّث بالإيمان ولنخطُ خطوة تقرّبنا من الله. هذا هو هدفنا الذي نصبو إليه، وكثر هم من اختبروا رحمة الله عبر الذين حولهم. فلنبتهج لكوننا مخلّصين، ولنردّد مع القديسة تريزيا الأفيلية: “لا تدعوا شيئاً يخيفكم، لا تدعوا شيئاً يزعجكم، لأنّ كلّ الأمور عابرة. الله لا يتغيّر أبداً. وبالصبر تنالون كلّ شيء. من له الله لا ينقصه شيء، الله وحده يكفينا”.