L'Osservatore Romano

البابا إلى شبيبة بيرمانيا: لا تخافوا من أن تتعلّموا من أخطائكم

النص الكامل للقداس الإلهي مع الشبيبة في يانغون في كاتدرائية السيدة العذراء

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

فيما تقترب زيارتي لأرضكم الجميلة من نهايتها، أنضمّ إليكم في الشكر لله على النعم الكثيرة التي نلناها خلال هذه الأيام. وإذ أنظر إليكم، شباب ميانمار، وإلى جميع الذين يتابعوننا خارج هذه الكاتدرائية، أودّ أن أتشارك معكم عبارة من قراءة اليوم الأولى، والتي يرنّ صداها في قلبي. وهي مأخوذة من سفر النبي أشعيا واسترجعها القدّيس بولس في رسالته إلى الجماعة المسيحية الحديثة في روما. لنسمع مرّة أخرى هذه الكلمات: “ما أَحسَنَ أَقدامَ الَّذينَ يُبَشِّرون!” (را. روم 10، 15؛ أش 52، 7).

شباب ميانمار الأعزاء، أودّ اليوم، بعد أن سمعت أصواتكم وأصغيت إلى ترتيلكم، تطبيق هذه الكلمات عليكم. أجل، إن “أَقدامَكم حسَنَة”، وكم هو جميل ومشجّع أن نراكم، لأنكم تحملون لنا “البشارة”، بشارة شبابكم، وإيمانكم وحماسكم. إنكم أنتم البشارة، بالتأكيد، لأنكم علامات ملموسة لإيمان الكنيسة بيسوع المسيح، الذي يحمل إلينا فرحًا ورجاءً لا نهاية لهما أبدًا.

يتساءل البعض كيف يمكن أن نتكلّم عن بشارةٍ ما في حين أن الكثير من حولنا يتألمون. أين هي البشارة عندما يُلقي الكثيرُ من الظلم، والفقر، والبأس، بالمتاعبَ علينا وعلى عالمنا؟ لكني أودّ أن يخرج من هذا المكان رسالة واضحة للغاية. أودّ أن يعرف الناس أنكم، أنتم شبان وشابات الميانمار، لا تخافون من أن تؤمنوا ببشارة رحمة الله، لأن لها إسم ووجه: يسوع المسيح. وكمرسلين لهذه البشارة، أنتم مستعدون لحمل كلمة رجاء إلى الكنيسة، وإلى بلدكم، وإلى العالم. إنكم مستعدون لحمل البشارة إلى الأخوات والإخوة الذين يتألمون وهم بحاجة لصلواتكم ولتضامنكم، إنما أيضًا لشغفكم بحقوق الإنسان، وبالعدل وبنمو ما يعطيه يسوع: المحبة والسلام.

لكني أودّ أيضًا أن أقترح عليكم تحديًا. هل أصغيتم جيدا إلى القراءة الأولى؟ فالقديس بولس يردد فيها لثلاث مرات كلمة دون. هي كلمة صغيرة، لكنها تدفعنا للتفكير في دورنا في تدبير الله. في الواقع، يطرح بولس ثلاثة أسئلة أودّ أن أوجهها لكل منكم شخصيا. السؤال الأول: “كَيفَ يُؤمِنونَ بِمَن لم يُبَشَّروا بِه؟” والثاني: “كَيفَ يَسْمَعونَه مِن غَير ِمُبَشِّر؟” والثالث: “كَيفَ يُبَشِّرونَ إِن لم يُرسَلوا؟” (را. روم 10، 14- 15).

أود منكم جميعًا أن تفكّروا بعمق في هذه الأسئلة الثلاث. لكن لا تخافوا! وكأبٍ (من الأفضل ربما القول كجدّ!) يريد لكم الخير، لا أريد أن تواجهوا أسئلة كهذه لوحدكم. اسمحوا لي بأن أقدم لكم بعض الأفكار التي تستطيع أن ترشدكم في مسيرة إيمانكم وتساعدكم في تمييز ما يسأله الربّ منكم.

أوّل سؤال للقدّيس بولس هو: “كَيفَ يُؤمِنونَ بِمَن لم يُبَشَّروا بِه؟”. إن عالمنا مليء بكثير من الضجيج والتشتت القادر على خنق صوت الله. وكي يُدعى آخرون لسماعِه وللإيمانِ به، إنهم بحاجة لأن يجدوه في أشخاصٍ صادقة، أشخاص يعرفون كيف يصغون. وهذا ما تريدون أن تكونوا بالتأكيد. لكن الله وحده يستطيع أن يساعدكم لتكونوا صادقين. لذا، كلموه في الصلاة. تعلموا الاصغاء إلى كلمته، وأنتم تتكلمون معه بهدوء من أعماق قلوبكم.

تكلموا أيضًا مع القديسين، مع أصدقائنا في السماء القادرين على إلهامنا. مثل القديس أندراوس الذي نحتفل به اليوم. كان صيادا بسيطا وأصبح شهيدا عظيما، وشاهدا لمحبة يسوع. ولكن قبل أن يصبح شهيدا، ارتكب بعض الأخطاء واضطر لأن يكون صبورا، وأن يتعلم تدريجيا كيف يكون تلميذا حقيقيًّا للمسيح. أنتم أيضًا، لا تخافوا من أن تتعلّموا من أخطائكم! ليقودكم القديسون إلى يسوع، فيعلموكم كيف تضعون حياتكم بين يديه. اعلموا أن يسوع مليء بالرحمة. فشاركوه إذا بكل ما في قلبكم: المخاوف والهموم، والأحلام والآمال. اعتنوا بحياتكم الداخلية، مثلما قد تعتنون بحديقة أو بحقل. وهذا يتطلّب وقتًا، يتطلّب صبرًا. إنما، كما أن المزارع يعرف كيف ينتظر نموّ الحصاد، هكذا، إن صبرتم، فسوف يمنحكم الربّ أن تحملوا الكثير من الثمر، ثمر يمكنكم أن تتشاركوا به من ثم مع الآخرين.

السؤال الثاني للقدّيس بولس هو: “كَيفَ يَسْمَعونَه مِن غَير ِمُبَشِّر؟”. هذا عمل عظيم يعهد به بشكل خاص إلى الشباب: أن يكونوا “تلاميذا ورسلا”، مرسلي بشارة يسوع، لا سيما لمعاصريكم ولأصدقائكم. لا تخافوا من أن تخلقوا البلبلة، وأن تطرحوا أسئلة تدفع بالناس للتفكير! ولا تخافوا إن أدركتم أحيانا أنكم قليلون وأنكم مبعثرون هنا وهناك. فالإنجيل ينمو دومًا انطلاقًا من جذورٍ صغيرة. ولذا، فلتُسمَعُ أصواتكم! أودّ أن أطلب منكم أن تصرخوا، إنما ليس بأصواتكم، أودّ أن تصرخوا بحياتكم، بقلبكم، فتكونوا هكذا علامات رجاء لمن هو محبط، ويدا ممدودة لمن هو مريض، وابتسامة دافئة لمن هو نزيل، وسندا متنبها لمن هو وحيد.

أمّا السؤال الأخير للقدّيس بولس فهو: “كَيفَ يُبَشِّرونَ إِن لم يُرسَلوا؟”. في نهاية القدّاس الإلهي، سوف نُرسَلُ جميعًا لأخذِ العطايا التي نلناها، ولمشاركة آخرين بها. قد يكون هذا رّبما صعبًا بعض الشيء، إذ لا نعلم دومًا إلى أين قد يرسلنا يسوع. ولكنّه لا يدعونا يومًا دون أن يسير في الوقت نفسه إلى جانبنا، ويسبقنا بالقليل على الدوام، كي يُدخلنا في أجزاءٍ جديدةٍ ورائعةٍ من ملكوته.

بأيّة طريقة يرسل الربّ القدّيس أندراوس وأخيه سمعان بطرس في إنجيل اليوم؟ “اتبعاني”، قال لهما (را. متى 4، 19). هذا ما يعني أن نكون مدعوين: اتباع المسيح، لا أن نهرع للأمام بقوتنا الشخصية! سوف يدعو الرب بعضكم إلى اتباعه ككهنة وإلى أن يصبحوا بهذه الطريقة “صيادي بشر”. وسوف يدعو آخرين لأن يصبحوا مكرّسين. وآخرين أيضًا إلى الحياة الزوجية، وإلى أن يكونوا آباء وأمهات محبّين. فمهما كانت دعوتكم، إني أحثكم: كونوا شجعان، كونوا أسخياء، وقبل كل شيء، كونوا فرحين!

هنا في هذه الكاتدرائية الجميلة المكرسة لسيدة الحبل بلا دنس، إني أشجعكم على أن تنظروا إلى مريم. عندما قالت “نعم” لرسالة الملاك، كانت شابة مثلكم. لكنها كانت تملك الشجاعة لتثق بالبشارة التي سمعتها ولتترجمها بحياة تكرس لدعوتها، ولبذل ذات ولتسليم كامل لرعاية الله المُحِبَّة. كونوا كلكم مثل مريم، ودعاء لكن شجعان في حمل يسوع ومحبته للآخرين!

أيها الشباب الأعزاء، إني أعهد بكم جميعا وبعائلاتكم بمحبة كبيرة، إلى شفاعتها الوالدية. وأطلب منكم، من فضلكم، أن تتذكروا بأن تصلوا من أجلي. ليبارك الله الميانمار! [ميانمار بيي كو بايارثاكين كاونغ جي بى با ساي]

***********

©جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2017

 
 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

Staff Reporter

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير