دار نقاش قديم حول ما هي الوصية الأهمّ بين الوصايا العديدة… وأتى أحد “الناموسيين” يجرّب يسوع طارحاً السؤال عينه: “ما هي أكبر وصية في الشريعة؟”
فسأله الرب عمّا جاء في الناموس لتأتي الإجابة “صائبة” بحسب توصيف السيّد: “أحبب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل قدرتك، ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك”….
إذاً، ما الجديد الذي أتاه الرب في وصيّة المحبة حتى يقول لتلاميذه وصية جديدة أنا أعطيكم (يو34:13)؟؟؟
تكمن الإجابة في طريقة عيش المحبة، إذ يضيف “أن تحبّوا بعضكم بعضاً، كما أحببتكم أنا”.
كيف أحبّنا الرب؟
أحبنا… فخلقنا: أوّل وجوه محبّة الله تتجلّى بخلقنا من رحم حبّه. وهو لا يزال في كلّ لحظة يجدّد لنا كلمة الخلق والحياة. ولن تستقيم علاقاتنا بأنفسنا وبالآخرين ولن تتّسم بالمحبة، ما لم نقبل كلمة الحياة هذه، لا كثقل وجود بل كفرحة نابعة من الثقة بذاك الذي يحبنا ويريدنا لحياة البركة.
و عندما أخفقت بشريتنا في تلقّي البركة وتشكّلت على وجهها ملامح قايين ودخلت في أبشع أشكال العدم حين مزّقت صورة الله الذي فيها، لم يتركنا الرب!!
أحبّنا… فأرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به. (1 يوحنا 4: 9)
“مجد الله هو الإنسان الحي” يقول القديس إيريناوس، مشيئة الله ومحبّته إذاً تكمنان في أن يحيا الإنسان. ولكن لكي نحيا، علينا أن نتحرّر من الأصوات التي تقتل فينا الروح، علينا أن نسمع “الكلمة” ونقبلها حياة…
أحبّنا… ونحن بعد خطأة. مات لأجلنا ( رومية 5) “لأنّه هكذا أحبّ الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية. (يوحنا 3: 16)
أحبّنا… إلى المنتهى!! أحبّنا… و بقيامته دعانا إلى الحياة المنتصرة على الموت.
محبّته لنا “نعم” لا تشوبها “لا”، وبركة لا لعنة فيها!
و اليوم، يعطينا وصيّة جديدة: أن نحبّ الآخر لا كأنفسنا فحسب بل أكثر… أن نحبّ الآخر بمحبةٍ حين تتهدّدها ” الأنا الضيّقة ” لا تتوانى عن بذل الذات! هذه المحبة هي المعيار الذي به يُعرف المسيحي!!
فيا روح الرب تعال وهبّ في قلوبنا، وهبنا أن نحتفل بعطيّة الحياة، عطيّة حبّك في كلّ لحظة!! أعطنا فرحك وسلامك في الطريق: بهما نملك على كل ظرف ضيّق أو حتّى دقيق…
و في الآخر، هبنا أن نعرف سرّ حضورك على الأرض، فنجاوب – بحبّه – على حبّك العميق. وحررّ قلبنا كي لا يبقى لامبالِ في برد قاتل!
جنّبنا الجنوح بإعتبار عطاياك تحصيل حاصل، ولتكن وصيّتك بالمحبّة شغلنا الشاغل!!!