Pixabay CC0

تأمّل الوعي الكامل وحكمة الشرق الأقصى

رأي كاثوليكي في تأمّل الوعي الكامل

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

“إستيقظْ أيّها النائم وقم من الأموات، ليضئْ لك المسيح” (أف5/ 14)

Minfulness وحكمة الشرق الأقصى

في ملفٍّ بعنوان “تأمّل الوعي الكامل”La méditation de pleine conscience[1]  إلى مجموعة CCMM[2] المولجة بالإهتمام بالإنتهاكات البدعوية بشكلٍ عام وبضحايا الدورات النفسية الروحيةSessions psycho spirituelles وعائلاتهم، يطرح الشمّاس “برتران شوديه”Bertrand Chaudet  من “راعوية الروحانيات الجديدة والإنتهاكات البدعوية[3] إشكاليات ومحاذير هذه التقنية.

يشير الشمّاس “شوديه” في البداية إلى أنّ هذه التقنية رائجة جدًا وهي متجذّرةٌ في البوذية لكن بنكهةٍ غربية.

ويشرح كيف تعلّم البوذية أنّ الوعي الكامل هو عاملٌ أساس للتحرّر. بالتالي كيف يحفّز”تأمّل الوعي الكامل” الإنتباه الصحيح والحضور اليقظ أو الوعي اليقظ للأفكار والأعمال والدوافع الشخصية في اللحظة الحاضرة. يعني أن تكون يقظًا لمشاعرك في اللحظة الحاضرة، تراقب كيف تظهر هذه المشاعر وكيف تستمر أو لا تستمر وكيف تختفي. على المتأمّل أن يتفحّص أيضًا الأفكار التي تسكنه، الإدراكات الحسّية، العادات العقلية الإيجابية أو السلبية، نقطة انطلاقتها، مدّتها الزمنية ونقطة انحلالها. عليه أن يبقى حياديًا وصامتًا في هذا الإستبطان، فيستقبل ظهور واختفاء المشاعر على تنوّعها، بدون أن يحكم عليها وبدون أن يُبقيَ المشاعر الجميلة أو أن يرفض المشاعر القبيحة. بهذه الطريقة يتوّصل المتأمّل تدريجيًا،بحسب رأيهم، إلى أن يتحرّر من مشاعره ومن التعلّق بالمادة والإدراك الحسّي وكلّ التكيّفات الذهنية.

 يؤكّد”شوديه” أنّ هذا الإنفصال الحسّي والعقلي عن الكون والموجودات، هو مبدأ بوذي من أجل  التخلّي عن كلّ المشاعر، أكانت فرحًا أم حزنًا، لأنّها مجرّد أوهام تمنع المتأمّل من التحرّر. يمكن للمتأمّل أن يركّز على تنفّسه، على مشيته… المهم أن يكون متيّقظًا بالكامل لكلّ ما يقوم و يشعر به دون أن يفكّر أن يختبر وأن يتعلّم. ويضيف “شوديه” أنّ في هذا التأمّل عناصر مشابهة لما يسمّى ب “التحفيز الذاتي أو التوليد الذاتي” لشولتز Training autogène de Shultz[4] ب وللسوفرولوجيSophrologie[5] وكلاهما يستوحيان من تعاليم البوذية. في البوذية الشكل الأوّل من أشكال الحكمة هو التفاني La devotion. ، الشكل الثاني هو منطق التفكير والعقل ثم يأتي “تأمّل الوعي الكامل” كشكل ثالث للحكمة وهو الأسمى، فيه تتمّ الرؤية المباشرة للحقيقة الأسمى في كلّ شيء وهي تتخطى كلّ إيمان وكلّ منطق.

في الغرب، روّج لهذه التقنية  جون كابات- زينJon Kabat-Zin(1944-…) . كان طالبًا في البيولوجيا، تأثّر بالبوذية وبسّط ممارساتها التأمّلية حتى يسهل تعليمها ودراستها. وابتداءً من سنة 1979 قدّم تقنية “تأمل الوعي الكامل” Mindfulness كتقنية تساعد الناس على تخطّي ضغوط الحياة من قلق واضطراب وألم ومرض. أسّس عيادةً لعلاج  MBSR(Mindfulness –based stress reduction)، “تأمّل الوعي الكامل على أساس تخفيض الضغط النفسي”،

ومركزًا لتأمّل الوعي الكامل في الطب والعناية الصحية والمجتمعCenter for Mindfulness Medicine, Health care and Society في جامعة ماساشوستس للطب. وهو من حالياً من قادة مركز إيسالينEsalen[6]  التابع لتيّار العصر الجديدNew Age والذي له علاقة وثيقة ب الإيزوتيريكي جورج غوردياف (واضع أداة التاسوعية Enneagram). مهّد هذا المركز لإنتقائيةٍ تعد بإنسان جديد له قدرات لامحدودة. أدّى هذا الأمر إلى ظهور عددٍ كبير من البدع وممارسات روحية جذبت أكثر من 350 مليون تابع في العالم. لها رؤية تكاملية تفتش عن سعادة الإنسان على المسنتوى البشري بمعزل عن الله. الانسان يصبح هو الله. وهو ليس بحاجة إلى إله المسيحية المخلّص والفادي.

يعلّم “جون كابات زين” تأمّل الوعي الكامل في دورة تمتدّ على 8 أسابيع وهي تمزج التأمّل بالهاتا يوغا. يتوّجه فيها إلى عالم التربية والتعليم والصحة، الشركات والتجارة. أصبح أكثر من 200 مركز وعيادة طبية في الولايات المتحدة يستعينون بنموذج MBSR . كذلك بيع أكثر من مليون نسخة من كتبه. “كابات زين” هو عضو في مجلس إدارة Mind and Life Institute الذي يهدف إلى تفعيل الحوار بين العلماء الغربيين والدالاي لاما، الرئيس الفخري للجمعية، وأتباعه من أجل فهم وتعمّق أفضل في مختلف الوسائل لمعرفة طبيعة الروح و المشاعر والواقع.

في الإعلام و التربية والسياسة، تروّج وسائل الإعلام بقوّة لهذه التقنية. نقرأ على مواقع التواصل في المجلات على الإنترنت وعلى التلفزيون برامج ومقالات تشيد بفوائد هذه التقنية. ويقول “شوديه” أنّ هناك محاولة لإدخاله كمشروع في برلمان “وستمنستر” بفضل مساعي بعض الأشخاص مثل المعالج النفسي د. “مارك ولامز”Dr. Mark Willams  الذي يدير مركز تأمّل الوعي الكامل في أوكسفورد. و”كريس كولين”Chris Cullen  الذي ابتكر برامج تأمّل في المدارس من خلال مشروع Mindfulness in School. بالفعل وابتداءً من كانون الثاني سنة 2013 ، مارسَ 95 نائب ولورد هذه التقنية لمدة 4 أسابيع بعد الجلسات ويفكّرون جديًا بتعميمها في المدارس.

كذلك في مدرسة الإدارة في غرنوبل يمارس الطلاب هذه التقنية ويتكلّمون في الأعمال والسعادة والإنتاجية!

في مجال الطب، تروّج لهذه التقنية أوساطٌ علمية تشيد بإيجابياتها وفاعليتها في علاج الضغط النفسي، القلق، الكآبة، الخ … حتى أنّ هناك إصدارات علمية تؤكّد هذه الإيجابيات ونتساءل عن حيادية وجديّة هذه الدراسات. تدرّس كذلك وتمارس في كلية الطب في ستراسبورغ،  وهناك شهادة جامعية DU “طبّ تأمّل وعلم أعصاب” طرحت لأوّل مرة سنة 2012 وقد أدخلت في بعض المستشفيات الفرنسية.

يتبع

 لمجد المسيح

[1] http://pncds72.free.fr/1005_med_pleine_conscience/1005_1_chaudet_meditation_pleine_conscience.pdf

https://www.cippad.com/2014/05/meditation-de-pleine-conscience-et.html

http://pncds72.free.fr/1005_pleine_conscience.php

https://sosdiscernement.org/tag/meditation-de-pleine-conscience/

[2] CCMM: Centre contre les manipulations mentales ou centre Roger-Ikor est une association francaise laiique de lute contre les sectes.

[3] Pastorale des nouvelles croyances et derives sectaires (pncds72.free.fr)

[4] تدريب التحفيز الذاتي وضعه عالم النفس الالماني يوهانس شولتز يقوم فيها الممارس بمجموعة من التصورات التي تحفز حالة الاسترخاء لديهويؤكد شولتز تشابه أسلوبه بتدريبات اليوغا.

[5] السوفرولوجي تقنية استوحاها ألفونسو كايسيدو من ممارسات الشرق الاقصى وهي مزيج من الايحاء الذاتي والتامل الشرقي الآسيوي.

[6]والباطنية تأسّس مركز ايسالين في كاليفورنيا سنة 1962 وهو يعنى بتقريب تعاليم ديانات الشرق الاقصى كالبوذية والهندوسية من العلوم النفسية

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

جيزل فرح طربيه

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير