لقد حمل الينا الاب الاقدس قلب الراعي الرقيق وعقل العلاَّمة الواضح وثقة الروح المتعلقة بالله خالقها، في كل ما عمل. وما استقالتُة الَّا علامة اخرى من علامات اهتمامه الكبير بالكنيسة. نحن حزينون لاستقالته لكننا نكنُّ له كل الامتنان عن الثمان سنوات التي قضاها خليفةً للقديس بطرس، بقيادة تجردت عن الانانية والذات.
بالرغم من بلوغة 78 سنة، يوم انتخابه، فقد خرج للقاء شعبه، مع اختلاف ايمانهم في سائر انحاء العالم. وقد زار المهددين دينيا، اليهود، المسلمين والمسيحيين في الشرق الاوسط الذي تمزقه الحرب. وزار الفقراء في افريقيا وشارك في لقاء الشبيبة العالمي الذين تجمعوا للالتقاء به في استراليا، المانيا، اسبانيا والبرازيل.
وقد أبهج بلادنا المحبوبة، الولايات المتحدة الامريكية، حين زار واشنطو ونيويورك في عام 2008. وكرجل دولة فقد قابل كبار المسؤولين في البيت الابيض. وكقائد روحي ترأس جماعة المؤمنين الكاثوليك في صلواتهم التي اقيمت في الميدان الوطني وفي ستاد اليونكيز وفي كاتدرائية القديس باتريك.
وكراع يشعرُ بِغَصَّةِ الألم، اثناء اجتماعاته الخاصة في الفاتيكان وفي واشنطن، اظهر لضحايا الاساءة الجنسية من قِبَلِ رجال ِالدِّين، قلبا مصغيا.
وكثيرا ما كان قداسة البابا بندكتس السادس عشر، يشير في خطاباته الى قيمة “الحقيقة الازلية”، وكثيرا ما نبَّهَ مِنْ مَضارِّ طغيان نظرية الحقائق النسبة. فمثلا قيمة الحياة البشرية تسمو على كل الامور، وقد كررها مرارا وتكرارا ، انها رسالة الى الابد.
لقد وحّد أتباع المسيح الكاثوليك، ومد يده الى المنشقين وكله امل بان يجذبهم ويرجعهم الى الكنيسة. “لتكن وِحْدَة بيننا لا فُرقة، بالكلامِ والعَمَل، هذه رسالة ابدية .
تكلم مع الفقراء عندما زارهم. وتكلم عن المساواة بين الامم في رسائله عن السلام، ومنشوراته البابوية.
وقد دافع عن فكرة توزيع موارد العالم بشكل اكثر عدلا، ودعا الى احترام خليقة الله في طبيعتها.
من سنحت لهم الفرصة بالالتقاء به، او سماعه يتكلم، او قراءة كتاباته الواضحة والعميقة، وجدوا انفسهم متأثرين بها كثيرا وتغيروا. وقد حثَّ الجميع، في كل ما قاله وعمله في كل مكان، على ان يتعرّفوا على السيد المسيح وان يكون لهم لقاء شخصي به.
ان مناسبة استقالته تجيء كلحظات خاصة في حياتنا، نحن ابناء العالم، وخبرتنا تفرض علينا ان نشكر الله على هبة البابا بندكتس لنا. وأملُنا يفرضُ علينا ان نصلي الى الله لكي يُلهمَ مجمع الاساقفة، بوحي من الروح القدس، لاختيار خلف مناسب له ، ليواجه تحديات العالم المعاصرة.
* * *
نقلها من الإنكليزية إلى العربية: سامح المدانات