يبدو أنّ الكرادلة قد وصلوا إلى نقطة تحوّل ما قبل الكونكلاف حيث ستنعقد جمعياتهم العامّة كلّ يوم، فيلغي الأمريكيّون لقاءهم مع الصحافة، وتجتمع الجمعيّة للصّلاة وتقرّر عقد إجتماعًا مرّتين في اليوم. ويُجبرهم النوع الجديد من شغور الكرسي الرسولي الذي بدأوا بالتشاور عنه خلال الإجتماعات، بأخذ الوقت للتوافق عليه.
الجمعية الرابعة
ولكن، لنشير أوّلًا إلى ما حدث بعد أسبوعٍ من المقابلة العامة الأخيرة لبندكتس السادس عشر يوم الأربعاء صباحًا في 6 مارس خلال الجمعية الرابعة التي جمعت 153 كردينالًا من بينهم 113 ناخبًا.
أشار الأب فيديريكو لومباردي قائلًا أنّه لم يتمّ تحديد تاريخ إنعقاد الكونكلاف مشدّدًا على أنّ الكرادلة يملكون إرادة “تحضير جديّة وغير عاجلة”. وأضاف أنّهم خائفون من أنّ تحديدهم للتاريخ قد يظهر بأنّهم “يضغطون” على “نضج” المجمع.
وأضاف أنّهم “يهتمّون” تمامًا بتحضير الكونكلاف بإتقانٍ بحيث يكون مختصرًا، ولاحظ أنّه مع ذلك “يصعب عليهم توضيح صلة مؤكدة بين حجم التحضير وفترة الكونكلاف الوجيزة”.
وأردف قائلا: “علاوة على ذلك، يريد الكرادلة إنتظار الناخبين الأخرين الذين لم يصلوا بعد قبل تحديد أيّ تاريخ.”
وقد أدّى الأشخاص الجدد الذين وصلوا إلى الكونكلاف، قسم اليمين منذ صباح يوم الثلاثاء ألا وهم الكاردينالين الألمانين ليهمان وويتر، والبطريرك المصريّ نجيب وأسقف هونج كونج الذي يدعى تونغ هون.
ووصل الكاردينال رئيس أساقفة وارسو بعد الظهر وكان رئيس أساقفة الفيتناميين الكاردينال فام مينه مان على متن الطائرة ومن المفترض أن يصل في اليوم التالي.
المداخلات الثماني عشر والمواضيع
لقد بدأت الجمعيّة الكونكلاف بالصلاة لساعات، قبل تمنّي عيدًا سعيدًا للكادينال كاسبر (80 عامًا، ألمانيًّا، وعيده نهار الثلاثاء)، وكوكو بالميرو (75 عامًا، إيطاليًّا وعيده يوم الأربعاء) وهيرنز (77 عامًا، إسبانيًّا، عيده يوم الخميس).
بالإضافة إلى كاردينال يبلغ من العمر 80 عامًا وعيده بعد بدء شغور الكرسيّ الرسوليّ وهو سيشارك في الكونكلاف بحسب دستور يوحنا بولس الثاني “قطيع الرّب” ((Universi Dominici Gregis.
وبعد ذلك، أُجريت 18 مداخلة للكرادلة ووصلت منذ صباح يوم الإثنين إلى 51 مداخلة وُزعت بين 4 جمعيات. وإنّ المداخلات ليست محدودة لكن بعد 5 دقائق تصدر إشارة إلى الكاردينال عن وجوب إيجاز مداخلته.
والمواضيع التي حدّدها الأب لومباردي هي التالية: الكنيسة في العالم اليوم، والتبشير الجديد والكرسي الرسولي والمكاتب الفاتيكانية وبخاصّة في ما يتعلّق بإتّصالها مع الأساقفة والبابا المقبل.
كما إختار الكرادلة أن يجتمعوا مرتين يوم الخميس في 7 مارس، في الصباح وبعد الظهر، وهذا ما يدلّ ربما على أنهم أدركوا وجهات النظر المتباعدة وأنّهم حقًّا يدخلون في صلب الموضوع ويشعرون بالحاجة إلى المزيد من التحدث.
شعب الله ينتخب البابا
عند إنتهاء تلاوة الصّلاة، أرادوا أيضًا وقفة صّلاة يوم الأربعاء في الساعة الخامسة بعد الظهر مع مريم العذراء من خلال الصّلاة في كنيسة القديس بطرس ومن ثمّ مع صلاة المساء وهي صلاة يوميّة تعطي تناغمًا لحياة الكنيسة وسجودًا دائمًا للقربان المقدس.
ومن المهمّ أيضًا أنّهم أرادوا “شعب الله” معهم خلال الصّلاة غير المحفوظة فقط في مجمع الكرادلة بل أيضًا مع كل المعمدين.
ففي الواقع، هذا يعود إلى ما ينصّ عليه دستور يوحنا بولس الثاني الذي تمّ ذكره يوم الثلاثاء 5 مارس وهو: “لا يكون إنتخاب بابا جديد شيئًا غريبًا لشعب الله ومحفوظًا فقط لمجمع الكرادلة بل إنّه يتّجه إلى عملٍ للكنيسة جمعاء”. (UDG 84).
وإنّ دليل آخر يشير أنّ ما قبل الكونكلاف وصل إلى نقطة تحوّل هو إختيار أساقفة الولايات المتحدة بإلغاء موعدهم اليوميّ مع الصحافة.
بين التواصل والتّحفظ
أشار الأب لومباردي بالقول: “إنّ ما خفّف المناقشات في الصحافة الإيطاليّة يقلق، بشكلٍ أو بآخر، ولكن لنذكّر بأن كلّ مشترك في الجمعيات سواء كان كاردينالًا أو موظفًا قد أدى قسمًا على الإنجيل ليحافظ على السرية.”
وذكر بأنّ الإشارة التي تجعلهم أكثر إدراكًا لأهميّة “مصداقيّة” المناقشات هي أنّ كرادلة أمريكا الشمالية قد قرّروا عدم مقابلة الصحافة في 6 مارس مضيفًا بأنّها إشارة إلى أنّ مجمع الكرادلة يظهر “تحفظًّا متزايدًا”.
أضاف بالقول: “إنّ تحضير الكونكلاف ليس بمؤتمر أو سينودس”، فالتواصل المندمج من أجل إحترام “حريّة” الناخبين هو محافظ عليه من خلال السريّة.
وقال بأنّ هذه الجمعيات تشكّل “طريقًا يتحضّر فيها مجمع الكرادلة إلى التأمل وهو تقليد للكونكلاف وللطريق نحو الكونكلاف يعدّ تقليدًا بهدف تحقيق حريّة أعضاء هذا المجمع في هذا الوقت المهمّ جدًّا”. وزاد على ذلك أنّه لإخبار الصحافة عن تركيب “البيانات الموجزة” اليوميّة يتمّ ذلك بالتوافق مع عميد مجمع الكرادلة” وهو الكاردينال أنجيلو سودانو.
وبناء على إصرار الصحافة، أوضح الأب لومباردي بالقول: “من غير المفروض أن أعطي أي مؤشر للكرادلة عن طريقة التصرف الواجب عليهم إتّباعها فواجب الكرادلة في المجمع هو أن يجدوا، بأنفسهم، المسار نحو هدفهم وهو إنتخاب الأب الأقدس في الكونكلاف. وأنا لست مندهشًا من كل شخص سريع الفهم، قد إشترك في الكونكلاف وبعد بالإستماع إلى آراء وإرشادات المجمع ككلّ، يختار طريقة مداخلته بشكل تدريجيّ.
نوعٌ م
ن كونكلاف جديد
وأخيرًا، من المؤكّد أنّه سبق للكرادلة أن إختبروا الكونكلاف (إذ قام بندكتس السادس عشر بـ”خلق” 85 كونكلاف من أصل 155) ولكنّه الكونكلاف الأوّل الذي إنعُقد من دون وفاة البابا، و يوضّح هذا الأمر الجديد العظيم إمكانية أن يكون هناك أيضًا صعوبة للكرادلة في “إيجاد علاماتهم الفارقة” والتوافق.
أمام موت يوحنا بولس الثاني ومع مظاهر المحبّة لملايين من الناس ومن المسؤولين في هذا العالم تجري الأيّام التسعة لصلاةnovemdiales ويتمّ إعطاء النغمة على هذا النحو. وحتى لو أنّ رحيل بندكتس السادس عشر يضع أمام الكنيسة مرحلة من الحزن الروحي وذلك مع شغور الكرسي الرسولي فليس الحزن الرسمي الذي حدث عام 2005. فقد قام بندكتس السادس عشر بكل شيء من أجل أن لا يكون هناك حزنًا رسميًّا أو مسرحيًّا عند رحيله.
وإنّ إيجاد التناغم يبدو مسألة صعبة للغاية في هذه الظروف الجديدة وذلك يدلّ أيضًا على أنّ الكرادلة سيتجنّبون من الآن فصاعدًا المشاركة و”التواصل” مع الخارج حيث أنّ كل كاردينال عليه أن يتمتّع بحرية التكلم من دون الخوف على بثّ تصريحاته أو حتى تبديلها أو تغييرها وبالتالي، أن يكون بنفسه خاضعًا لضغوطات.