لا يوجد في هذا العالم وهذا الكون، ولا يقدر أحدٌ أبدا، إن كان صديق أو حبيب، أو قريب،لا أبٌ أو أم ولا مؤسسة تقدر أن تعطي حق العيش الكريم ، واحترام الذات الإنسانية واكتشاف حرية الإنسان في هذا الكون … سوى الله وحده الكائن في عمق وجودنا الإنساني وفي قلبنا وعقلنا وروحنا وفي جسدنا.. فهو وهو فقط من يعطينا معنى هويتنا العميقة.. ووجودنا في هذا العالم، لاننا به ننتمي وبه نعيش وبه نتواجدُ … لأنه سرّ وجودنا الحقيقي.
ولهذا ” فيسوع هو حقيقة الله”، لانه صالحنا مع ذواتنا وأسكننا في ذواتنا ، وفي الأنا الحقيقيّ وهو الله ؛ هو الشخص الوحيد الذي دخل في هذه المنطقة المحرّمة في كياننا وعالج المرض. فهو المخلص.. ومن أي شيء يخلّصنا ؟ نقول : يخلّصنا من العنف والعدوانيّة الساكنة والقابعة فينا. ويخلّصنا من البؤس العالمي والاجتماعيّ، يخلّصنا من أن نعبد ذواتنا والأوثان العالمية وعبودية الأسياد .
لهذا ، نقدر هنا أن نفهمَ قول يسوع : من ضربكَ على خدّك الإيمن أعطه الآخر أيضا … ” هذا لا يُفهَم كسذاجة وجُبن ، بل أنّ الإساءة التي وجّهها لنا الآخر ، نصدّها بعدم الردّ ، وبعدم الوقوع في دوّامة وشلل داخليّة في أعماقنا ، فيسوع يريدُ أولا أن نعالِجَ أنفسنا بأنفسنا بإن لا نعود ونتقوقع على ذواتنا ، وثانيًا أن نُخجِلَ الآخر بعدم الردّ بالسوء ، كي يعرف نفسه .