“أعطني نصف رحمتك” هذه من كلمات البابا فرنسيس عندما كان كاهنًا في بيونس أيرس قبل توجّه فيها إلى كاهن مسنّ عُرف بتوبته ومصالحته وتوفّي عن عمر ناهز التسعين. يضع صليبًا في محفظة صغيرة صوب قلبه ويلمسه عندما يحتاج إلى المساعدة لكي يكون رحومًا.
هذا ما أخبر عنه البابا فرنسيس عندما التقى صباح يوم الخميس كهنة أبرشية روما متأمّلاً معهم حول الرحمة بعد أن رسم إشارة الصليب واستدعى الروح القدس منطلقًا من إنجيل القديس متى الذي يركّز على يسوع السائر في القرى والمدن الذي يدعونا لنلمس عمق ما في قلبه وكيف كان ينظر بعين الشفقة والرحمة إلى الجموع الذين كان يلتقيهم “تعبين رازحين كغنم لا راعي لها” تمامًا مثل العديد من الأشخاص الذين نلتقيهم على دروبنا.
وأشار الأب الأقدس بأنّ الرحمة الإلهية باتت منسية في قلوبنا “بينما هي واجب علينا نحن ككهنة أن نحافظ على الرحمة حيّة من خلال عظاتنا وتصرّفاتنا وخياراتنا الرعوية كمثل إعادة إعطاء الأولوية لسرّ المصالحة وأعمال الرحمة. ماذا تعني الرحمة بالنسبة إلينا؟ هل نتأثّر أمام خرافنا عندما نراهم مثقلين ومتعبين مثلما رأى يسوع الجموع رازحين وتعبين كغنم لا راعي لها؟”
وأضاف البابا: “إنّ الكاهن هو على صورة الراعي الصالح، إنه رجل الرحمة والشفقة، قريب من شعبه وخادم للجميع. وأريد أن أشدد كثيرًا على القرب! القرب والخدمة! إنّ التشدد والتساهل كلاهما لا يساهمان في مسيرة نمو القداسة إذ لا يقدسان الكاهن ولا المؤمن بل الرحمة وحدها هي التي ترافق مسيرة القداسة وتنمّيها… كيف؟ من خلال الألم الرعوي الذي يشكّل نوعًا من أشكال الرحمة. إملكوا قلبًا ملؤه الشفقة، يبكي ويتشفّع من أجل قطيعه”. ثمّ سأل: “هل تبكي؟ أم أننا فقدنا معنى الدموع؟ هل تبكي من أجل شعبك؟ هل تبكي عندما يمرض طفل أو يموت؟ هل تصلّي أمام بيت القربان؟ كيف تختتم نهارك؟ مع الرب؟ أو مع التلفاز؟”
ثمّ صلّى معهم البابا التبشير الملائكي ومنحهم بركته الرسولية وحيّى كلّ مسؤولي القطاعات بعد أن صلّى مرة أبانا ومرة سلام على نية كاهن أبرشية القديس إمبرواز الذي توفّي في النهار نفسه.