لكنني ادركت بسرعة تسرع حكمي فالراهبة الشابة ذات الخمسة والعشرين ربيعا أدت أداء رائعا ولم تستح بثوبها الرهباني أو بالصليب الذي تحمله على عنقها لتشارك في برنامج قد لا يكون منتجوه ومقدموه من مرتادي الكنائس بشكل منتظم. ردود الفعل الأولى من قبل المدربين بدأت بالاستغراب وبعض إيماءات السخرية لتصل إلى احترام فرضته إجابات الراهبة بصدق وعفوية.
ولأنني لا أعرف الأغنية الأصلية ولا مغنيتها فقدت شاهدت فيديوكليب الأغنية على اليوتيوب وكانت مفاجأتي الثانية باكتشاف أن أداء الأخت كريستينا فاق بجماله أداء أليشيا كيس Alicia Keys صاحبة الاغنية وبدا واضحا أن الراهبة تملك مساحات صوتية قد لا يملكها محترفون وأنهت الأغنية “بطبقات” عالية أدرك وجودها منذ البداية أليساندرو أليوتي ، مغني الراب الملقب ب J-Ax الذي بكى تأثرا..
مشهد الراهبة لا بد أنه ذكّر الكثيرين بفيلم “الراهبة العنيفة” (Sister Act ) حيث تقوم الممثلة ووبي غولدبورغ بأداء شخصية دولوريس المغنية التي تلجأ للاختباء في دير راهبات وتقوم بتعلميهن أصول الغناء بما فيه نمط الغوسبل رغم امتعاض الام رئيسة الدير . أحد مشاهد الفيلم يري البابا (إشارة إلى يوحنا بولس الثاني كون الفيلم من انتاج 1992) وهو يصفق واقفا إعجابا بأداء الراهبات بقيادة دولوريس.
لقد شاهدت بأم عيني يوحنا بولس الثاني في تور فرغاتا عام 2000 يرفع ذراعيه بتمايل طربا عند سماع أغنية إيمانويل نشيد أيام الشبيبية العالمية في روما . كان يضرب بحماس على مسند كرسيه عند سماعه أغاني الغوسبل، النمط المرتبط ثقافيا بالكنائس الانجيلية الأفروـاميركية.. !
ورغم ان فيديو الأخت كريستينا “كسّر الدنيا” على اليوتيوب (أكثر من 24 مليون مشاهدة في الايام الخمسة الاولى فقط مقارنة مع فيديوكليب الاغنية الاصلية المشاهَد أكثر من 158 مليون مرة منذ … 2009) لكنها لم تحدث ثورة وخروجا عن خط الكنيسة الرسمي ممثلا بالفاتيكان الذي يوصف غالبا وبشكل كاريكاتيري بالرجعية.
الكاردينال جيانفرانكو رافاسي رئيس المجلس البابوي للثقافة استشهد على حسابه على تويتر تعليقا على كلام الراهبة حول الموهبة “التي ستعطينا اياها بدورها” استشهد برسالة بطرس الأولى (1 بط4، 10) : “على كل واحد منكم أن يخدم الٱخرين بالموهبة التي اعطاه الله إياها” ولم ينس ان يضع وشم (هاشتاغ) “الأخت كريستينا”.
لا أعتقد ان ما فعلته الراهبة كريستينا لا يليق بوضعها كراهبة لا بل تُحمد على جرأتها في المجاهرة بإيمانها المسيحي في أوساط لا تعتبر التبشير بالانجيل في سلم أولوياتها..
هل سيتصل بها البابا هاتفيا كما فعل مع عديدين غيرها ؟ أتمنى ذلك..